×
تعليقات على كتاب قرة عيون الموحدين في تحقيق دعوة الأنبياء والمرسلين الجزء الثاني

وهذا فيه رَدٌّ على الذين يقولون: لا تلعنوا اليهود والنصارى.

وهم بذلك يعارضون القرآن؛ لأن الله عز وجل لعنهم في القرآن بقوله: ﴿لُعِنَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِنۢ بَنِيٓ إِسۡرَٰٓءِيلَ [المائدة: 78]، وقوله: ﴿غُلَّتۡ أَيۡدِيهِمۡ وَلُعِنُواْ بِمَا قَالُواْۘ [المائدة: 64].

وهؤلاء يقولون: لا تلعنوا اليهود والنصارى. بل منهم من يقول: إن اليهود والنصارى إخواننا؛ لأنهم أصحاب ديانة سماوية.

الشاهد من هذا الحديث: أن سبب لعن اليهود والنصارى أنهم اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد، أي: مُصلَّيات يُصَلُّون عندها، سواء بَنَوْا عليها أو لم يبنوا عليها؛ لأن الصلاة عند القبر تعني: اتخاذه مسجدًا، أي: مُصَلًّى، وكل مكان صُلِّي فيه يسمى مسجدًا، ومنه قوله صلى الله عليه وسلم: «وَجُعِلَتْ لِي الأَرْضُ مَسْجِدًا وَطَهُورًا» ([1])، أي: صالحة للصلاة. فإذا بُنِي مسجد على القبر كان الأمر أشد.

قالت: «يُحَذِّرُ مَا صَنَعُوا» أي: أنه صلى الله عليه وسلم ما قال هذا في هذه الحالة إلاَّ لأنه يُحَذِّر أمته ما صنع اليهود والنصارى أن يفعلوا مع قبره صلى الله عليه وسلم كما فعلت اليهود والنصارى مع قبور أنبيائهم.

قالت: «لَوْلاَ ذَلِكَ» أي: لولا أن يُفعل عند قبر الرسول صلى الله عليه وسلم كما فُعِل عند قبور السابقين «أُبْرِزَ قَبْرُهُ» يعني: لدُفن في البَقيع مع أصحابه، لكنه دُفن في بيته. ما الحكمة من ذلك؟ الجواب: ما قالته عائشة، أنه


الشرح

([1])  أخرجه: البخاري رقم (335)، ومسلم رقم (521).