فهذا وإن كان قصدهم فيه حسنًا، فإن هذا العمل غير مشروع لأنه يُفضِي إلى
الشرك في العبادة، والشارع جاء بسد الذرائع المفضية إلى الشرك دون نظر إلى نيات
أصحابها.
المسألة الخامسة: فيه دليل على جواز لعن الكفار وأصحاب الكبائر على وجه
العموم؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لَعَن اليهود والنصارى، وهذا لعن على
العموم، فلَعْن الكفار وأصحاب الكبائر على العموم لا بأس به لأجل التنفير من
فعلهم. وأما لعن المُعيَّن ففيه خلاف.
المسألة السادسة: في الحديثين دليل على التحذير من التشبه بالنصارى؛ لأن
البناء على القبور والصلاة عندها من هَدْي النصارى. ونحن منهيون عن هَدْي النصارى.
ففي قول عائشة رضي الله عنها: «يُحَذِّرُ
مَا صَنَعُوا» دليل على النهي عن التشبه بالنصارى، ولاسيما في أمور العقيدة.
المسألة السابعة: أن الذين يبنون على القبور والذين يذهبون إليها للتعبد
عندها - هم شرار الخلق، لا أحد شرٌّ منهم؛ لأن معصيتهم فوق كل معصية، فالزاني
وشارب الخمر والسارق أخف من الذي يبني على القبور، ولو كان زاهداً عابداً. فالزاني
والشارب -الذي يشرب الخمر- ومعه أصل التوحيد وأصل العقيدة هذا خير من الذين يبنون
على القبور، والذين يذهبون للعبادة عندها، وإن كانوا يبكون الليل والنهار ويصومون،
فهم شرار الخلق، والعياذ بالله.