المسألة الثانية: في الحديث دليل على تحريم العبادة عند القبر - حتى ولو
لم يُبْنَ عليه بنية - لا بدعاء، ولا بصلاة، ولا بذبح، ولا بنذر... ولا بغير ذلك.
وإنما هَدْي الإسلام أن القبور تزار من أجل السلام على الأموات والدعاء لهم
بالمغفرة والرحمة، واتعاظ الزائر بأحوال الموتى.
وأيضًا من هَدْي الإسلام في القبور: أن لا تهان ولا تُمتهَن، بل يُحافَظ
عليها.
هذا هو هَدْي الإسلام، وَسَط في كل شيء، فلا إفراط بالغلو فيها، ولا تفريط
بالتساهل في شأنها وإهانتها؛ لأن من الناس مَن يمتهن القبور، ويَبني عليها
المساكن، أو يجعلها محلًّا للقمامات والقاذورات، أو بدَوْس الأقدام عليها أو مرور
الحيوانات عليها، أو يقضون حوائجهم ويبولون عليها!! وهذا حرام، لا يُقِره الإسلام.
المسألة الثالثة: فيه دليل على تحريم نَصْب الصور من التماثيل وغيرها؛
لأن ذلك وسيلة إلى الشرك بهذه الصور ولو على المدى البعيد، كما حصل لقوم نوح.
المسألة الرابعة: فيه دليل على أن النية الصالحة لا تبرر العمل السيئ!
فهؤلاء إنما فعلوا هذا لظنهم أن فيه خيرًا، وبه يتذكرون أحوال هؤلاء
الصالحين، أو إكرامًا للصالحين - كما يقولون، أو تخليدًا لذكراهم.