فنقول لهؤلاء: إن النبي صلى الله عليه وسلم لم يُدفن في المسجد، وإنما دُفن
في بيته خارج المسجد. والحكمة في ذلك ما ذكرته أم المؤمنين أنه خَُشي أن يُتخذ
مسجدًا، فالبيت منفرد عن المسجد وفي مَعْزِل عن المسجد.
وإنما أُدخل البيت في المسجد بعد عهد الخلفاء الراشدين، في وقت الوليد بن
عبد الملك؛ لما أراد أن يوسع المسجد عَمَّم التوسعة من جهة المشرق، فأدخل حجرة
عائشة إلى المسجد وفيها قبر النبي صلى الله عليه وسلم، وكان ذلك عمل الخليفة دون
مشورة أهل العلم.
ولكن مع هذا فالبيت لا يَزال على شكله وحيازته، والمسجد لا يَزال على وضعه والحمد لله!! وما يحصل من الناس الجهال إنما يكون في مسجد الرسول وليس عند القبر؛ لأن القبر بعيد عنهم ومصون عنهم، ولا يرونه؛ ولهذا لما دعا صلى الله عليه وسلم ربه قال: «اللَّهُمَّ لاَ تَجْعَلْ قَبْرِي وَثَنًا يُعْبَدُ» ([1]). استجاب الله دعاءه، فصانه في بيته.
([1]) أخرجه: مالك في الموطأ رقم (85)، وأحمد رقم (7358)، وأبو يعلى رقم (6681).