وموطأ الإمام مالك هو مِن أول ما أُلِّف في الحديث والفقه، فهو يجمع بين
الأحاديث وأقوال الصحابة وفتاويهم، وهو يمتاز بعلو إسناده على ما جاء بعده من
الكتب، وهو كتاب عظيم اعتنى به العلماء وشرحوه شروحًا كثيرة، أهمها وأعظمها: «التمهيد» لابن عبد البر، فإنه أعظم شرح
لكتاب الموطأ.
والإمام مالك رحمه الله: هو أحد الأئمة الأربعة، وهو في الترتيب الزمني بعد
الإمام أبي حنيفة رحمه الله، ومذهبه معروف، هو أحد المذاهب الأربعة الباقية التي
دُونت وشُرحت وهُذبت، وبَقي لها أتباع.
رَوَى مالك في «الموطأ» أن
رسول الله صلى الله عليه وسلم دعا ربه فقال: «اللَّهُمَّ
لاَ تَجْعَلْ قَبْرِي وَثَنًا يُعْبَدُ» هذا دعاء من الرسول صلى الله عليه
وسلم.
وقوله: «اللَّهُمَّ»
أصله: «يا الله»، ثم حُذفت ياء
النداء، وعُوِّض عنها الميم في آخر لفظ الجلالة «الله».
قال: «لاَ تَجْعَلْ قَبْرِي
وَثَنًا يُعْبَدُ»: «تَجْعَلْ»:
فعل مضارع مجزوم بـ «لا» الدعائية، «وَثَنًا» الوثن: سبق لنا معناه أنه كل
ما عُبِد من دون الله، وهو أعم من الصنم. أما الصنم فهو ما عُبِد من دون الله على
شكل إنسان أو حيوان، وهو ما يُسمَّى بالتماثيل؛ كما كان عليه قوم إبراهيم، كانوا
يعبدون التماثيل.
قوله: «وَثَنًا يُعْبَدُ» من دون
الله عز وجل؛ لأن العبادة حق لله عز وجل، لا يشاركه فيها قبر ولا شجر ولا حجر، ولا
جن ولا إنس، ولا ملائكة ولا أنبياء ولا أولياء، ولا أحد من البشر؛ بل هي حق لله عز
وجل بجميع أنواعها.