والشرك هو أعظم الذنوب؛ لأنه لا يغفره الله عز وجل، بخلاف ما دونه من
الذنوب فإنه تحت المشيئة، قال عز وجل: ﴿إِنَّ ٱللَّهَ
لَا يَغۡفِرُ أَن يُشۡرَكَ بِهِۦ وَيَغۡفِرُ مَا دُونَ ذَٰلِكَ لِمَن يَشَآءُۚ
وَمَن يُشۡرِكۡ بِٱللَّهِ فَقَدِ ٱفۡتَرَىٰٓ إِثۡمًا عَظِيمًا﴾ [النساء: 48].
والمشرك حرم الله عليه الجنة، فلا طمع له في دخول الجنة، بل هو خالد مخلَّد في
النار.
فهذا دعاء من النبي صلى الله عليه وسلم، خاف أن يُعمل مع قبره ما عُمِل مع
قبور الأنبياء السابقين، أن يُتخذ مسجدًا، أو يُجلَس عنده ويُعْبَد من دون الله عز
وجل؛ كما حصل في الأمم السابقة.
وهو صلى الله عليه وسلم ما دعا بهذا الدعاء إلاَّ من أمر متوقع؛ لأن عبادة
القبور متوقعة، وقد وقع ما توقعه صلى الله عليه وسلم، فعُبدت القبور من دون الله
إلاَّ قبره صلى الله عليه وسلم، فإن الله صانه ببركة دعائه صلى الله عليه وسلم،
صانه من أن يُعمل معه ما عُمِل مع قبور الأنبياء أو قبور الصالحين من قبل، فدُفن
في بيته صلى الله عليه وسلم حماية له، وأحاطت به الجدران فلا يراه أحد.
ولهذا يقول ابن القيم رحمه الله:
ودعا بأن لا يُجعل القبر الذي **** ضمه وثنًا من
الأوثانِ
أجاب رب العالمين دعاءه **** وأحاطه بثلاثة الجدرانِ
حتى اغتدت أرجاؤه بدعائه **** في عزة وحماية وصِيانِ
فحَمَى الله قبر رسوله صلى الله عليه وسلم واستجاب دعاءه.
لكن قد يقال: إن بعض الجهال عندما يقف عند قبر الرسول صلى الله عليه وسلم
يحصل منه شيء من المخالفات.