وهذا واقع ومُشاهَد الآن، أن بعض هذه الأمة أو كثير منها يحرص على أن يفعل
مثل اليهود والنصارى، ويعتبرونهم فخرًا لهم ورقيًّا وتقدمًا وحضارة، وأن تركه تأخر
ورجعية، ويسيرون خلف ركب الأمم السابقة ولو كان في أتفه الأمور التي لا قيمة لها
ولا فائدة منها لا في الدين ولا في الدنيا، فيقلدونهم؛ مصداقًا لما أخبر به صلى
الله عليه وسلم، ويزعمون أننا إن لم نفعل مثلهم تخلفنا عن الركب الحضاري!!
ولما كانت الأمم الآن تُعظم الآثار وتعتني بها وتنفق عليها الأموال، صار في
هذه الأمة مَن يُعظم الآثار ويجمعها ويرتبها ويزينها، لا لشيء إلاَّ لأن الكفار
يعملون هذا الشيء، ونحن نقلدهم مع أن ديننا ينهانا عن ذلك، ولكن لا ينظرون إلى
الدين، إنما ينظرون إلى فعل الأمم السابقة، ويقولون: هذا حضارة وتقدم ورقي... إلى
آخره.
قوله: «قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ
الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى؟» تَعَجَّب الصحابة أن تتبع هذه الأمة اليهود
والنصارى. فقال صلى الله عليه وسلم: «فَمَنْ؟!»
يعني: فمَن القوم غير اليهود والنصارى؟!
قال: «أخرجاه» وهذا أعلى شيء
في الصحة؛ لأنه اتفق عليه الشيخان، ومعناه واضح، والواقع يُصدقه الآن، وليقولوا ما
شاءوا. فهذا كلام نبينا صلى الله عليه وسلم الذي لا ينطق عن الهوى.
الشاهد منه: أن هذه الأمة ستفعل مثل أفعال الأمم السابقة، ومنها - بل
أعظمها وأخطرها -: الشرك والكفر، وقد حصل كما أخبر الصادق المصدوق صلى الله عليه
وسلم.