×
تعليقات على كتاب قرة عيون الموحدين في تحقيق دعوة الأنبياء والمرسلين الجزء الثاني

فقوله صلى الله عليه وسلم: «مَنْ عَقَدَ عُقْدَةً، ثُمَّ نَفَثَ فِيهَا فَقَدْ سَحَرَ» هذا فيه بيان نوع من أنواع السحر، بل هذا أشد أنواع السحر، وهو النفث في العُقَد.

وقوله صلى الله عليه وسلم: «مَنْ عَقَدَ عُقْدَةً، ثُمَّ نَفَثَ فِيهَا» فيه مجموع أمرين: العَقْد لأجل أن تتعقد الأمور، ثم النفث فيها من ريقه الخبيث مستعينًا بالشيطان، فيحصل بذلك الضرر على ذلك الغير الذي لم يتحصن بالله.

فهذه عقوبة لمن لم يتحصن بالله عز وجل، ولم يستعذ به، ولم يقرأ هذه السور وهذه الآية العظيمة!! فالإنسان إذا برز لعدوه ولم يتخذ الوقاية، أصيب. لكن إذا اتخذ الوقاية وتحصن فإنه لا يضره العدو.

والتحصن من السحر والحسد إنما يكون بذكر الله عز وجل، فلا ينجي من شياطين الجن والإنس إلاَّ ذِكر الله، وذلك بالوِرد الشرعي في الصباح والمساء.

قوله: «وَمَنْ سَحَرَ فَقَدْ أَشْرَكَ»: «مَنْ» لفظة عموم، أي: كل مَن سَحَر فقد أشرك. فدل على أن السحر كله شرك.

وفي هذا ردٌّ على الذين يقولون: إن السحر ينقسم إلى قسمين: منه ما هو شرك، ومنه ما هو محرم وليس بشرك - كما نُسب إلى الإمام الشافعي رحمه الله - فالحديث هذا ردٌّ على هذا القول؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يستثنِ شيئًا، بل قال: «مَنْ سَحَرَ فَقَدْ أَشْرَكَ» وهذا عام لكل أنواع السحر.

قوله: «فَقَدْ أَشْرَكَ» لأن السحرة يستعينون بالشياطين، ويعبدونهم من دون الله ويخضعون لهم، فعند ذلك يحصل ما يحصل بإذن الله.


الشرح