وهذا نوع خامس من أنواع
السحر، وهو: النفث في العُقَد، وهذا من عمل السحرة، وهذا هو السحر الحقيقي، بأن
يَعقد الساحر العُقَد ثم ينفث فيها من ريقه مستعينًا بالشيطان، ثم يحصل ما يحصل من
تأثير السحر بإذن الله الكوني القدري، فالله عز وجل خَلَق كل شيء، ومنه الخير
والشر.
فإذا عَمِل الساحر هذا العمل بأن عَقَد العُقَد ونَفَث فيها بنية خبيثة
واستعانة بالشيطان، حصل ما يحصل من تأثير السحر بإذن الله؛ كما قال عز وجل: ﴿وَمَا هُم بِضَآرِّينَ بِهِۦ
مِنۡ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذۡنِ ٱللَّهِۚ﴾ [البقرة: 102] أي: قدره
ومشيئته سبحانه، لا بإذنه الشرعي؛ فإن الله لم يَشْرَع السحر، بل قد نهى عنه، ولكن
هذا هو الإذن القدري الكوني.
والله عز وجل أَمَر رسوله صلى الله عليه وسلم أن يستعيذ بالله من شر
النفاثات في العقد.
والنفاثات: جمع نفاثة، وهي المرأة التي تَعقد عُقَدًا من الخيوط، ثم تنفخ
فيها بقصد الإساءة إلى الغير وإيصال الشر إليه.
وهذا الاصطلاح بينهم وبين الشياطين، فهم يخضعون للشياطين ويستعينون بهم، ثم
يحصل ما يحصل بقضاء الله عز وجل وقدره.
والذي يعصم من هذا هو الاستعاذة، كما في سورة الفلق، ففيها رُقْيَة وفيها
استعاذة من السحر وأهله، وفيها استعاذة من الحسد ومنه العين. فهي سورة عظيمة، وهي
حصن لكل مسلم؛ ولهذا تُشْرَع قراءة آية الكرسي وسورتي الإخلاص والمعوِّذتين بعد كل
فريضة، وبعد الفجر ثلاث مرات، وبعد المغرب ثلاث مرات. هذا من أجل التحصن بالله من
شرور الخلق ومن شرور السحر وغيره.