السحر! ولذلك قيل في
الأثر: «يُفسِد النَّمَّام والكذَّاب في
ساعةٍ ما لا يُفسِد الساحر في سنة»؛ لأن النميمة أشد فسادًا من السحر.
والنَّمَّامون مجرمون ومفسدون في المجتمع، والنميمة حرفة أهل النفاق وحرفة
أهل الشر، وما أَكثرَهم! لا كَثَّرهم الله! يُفسدون بين الناس بالنميمة ونقل
الحديث.
والواجب على المسلم إلاَّ يَنقل الكلام بين الناس، حتى لو سمع من أحد أنه
يتكلم في فلان، فلا يجوز له أن يَنقل هذا إلى المُتكلَّم فيه. فكيف إذا كان
كاذبًا؟ لا شك أن الأمر أشد.
وقد مر النبي صلى الله عليه وسلم بقبرين، فقال: «إِنَّهُمَا لَيُعَذَّبَانِ، وَمَا يُعَذَّبَانِ فِي كَبِيرٍ، أَمَّا
أَحَدُهُمَا فَكَانَ لاَ يَسْتَتِرُ مِنَ البَوْلِ، وَأَمَّا الآخَرُ فَكَانَ
يَمْشِي بِالنَّمِيمَةِ» ([1])، فالنميمة من أسباب
عذاب القبر، والعياذ بالله.
وهنا فَسَّر النبي صلى الله عليه وسلم النميمة فقال: «الْقَالَةُ بَيْنَ النَّاسِ» أي: الذين يَنقلون الأقوال بين الناس،
فيقولون: فلان قال فيك كذا وكذا! وفلان قال فيك كذا وكذا! حتى تمتلئ الصدور
بالعداوة والحقد والبغضاء.
والواجب على مَن سمع شيئًا من الكلام أن يكتمه، وأن يَنصح للمتكلم وينهاه
عن الغِيبة، ويبين له حرمة أعراض المسلمين. أما أن يَنقل ما سمع ويُبلغه للمقول
فيه، فهذا هو النميمة الخسيسة، والعياذ بالله.
فهذا فيه بيان نوع من أنواع السحر، وهي النميمة التي يتساهل فيها
([1]) أخرجه: البخاري رقم (216)، ومسلم رقم (292).