×
تعليقات على كتاب قرة عيون الموحدين في تحقيق دعوة الأنبياء والمرسلين الجزء الثاني

قوله: ولهما عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ثَلاَثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ وَجَدَ حَلاَوَةَ الإِيمَانِ: أَنْ يَكُونَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا سِوَاهُمَا، وَأَنْ يُحِبَّ المَرْءَ لاَ يُحِبُّهُ إِلاَّ لِلَّهِ، وَأَنْ يَكْرَهَ أَنْ يَعُودَ فِي الكُفْرِ بَعْدَ إِذْ أَنْقَذَهُ اللَّهُ مِنْهُ كَمَا يَكْرَهُ أَنْ يُقْذَفَ فِي النَّارِ» ([1]).

قوله: «ثَلاَثٌ» أي: خصال.

قال شيخ الإسلام: أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن هذه الثلاث مَن كن فيه وَجَد حلاوة الإيمان؛ لأن وجود الحلاوة للشيء يتبع المحبة له. فمَن أحب شيئًا واشتهاه إذا حصل له مراده، فإنه يجد الحلاوة واللذة والسرور بذلك. واللذة أمر يحصل عقيب إدراك الملائم، الذي هو المحبوب أو المُشتهَى.

قال: فحلاوة الإيمان المتضمنة للذة والفرح تتبع كمال محبة العبد لله. وذلك بثلاثة أمور: تكميل هذه المحبة، وتفريعها، ودفع ضدها: فتكميلها أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما؛ فإن محبة الله ورسوله لا يُكتفى فيها بأصل الحب، بل لابد أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما.

قلتُ: ومن لازم محبة الله محبة أنبيائه ورسله وملائكته وكتبه والصالحين من عباده، وكراهة ما يَكره سبحانه ومعاداة أعدائه وموالاة أوليائه. فلا يحصل كمال محبة الله الواجبة إلاَّ بكمال ذلك، وإيثاره على ما تهواه النفوس مما يخالف ذلك.

قوله: «أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا سِوَاهُمَا»: ثَنَّى الضمير هنا لتلازم المحبتين. والله أعلم.


الشرح

([1])  أخرجه البخاري (16)، ومسلم (43).