×
تعليقات على كتاب قرة عيون الموحدين في تحقيق دعوة الأنبياء والمرسلين الجزء الثاني

فكثير من الناس يتحابون ويتآلفون من أجل أمور الدنيا، من أجل الرجاء والطمع... وغير ذلك، إِنْ أَحْسَنَ إليه وأعطاه شيئًا أحبه، وإلا فإنه لا يحبه. وهذه جِبِلة طبعية موجودة في البهائم والكلاب والقطط، إذا أحسنت إليها فإنها تألفك وتحبك؛ فقد جُبِلت القلوب على حب من أحسن إليها. لكن هذا ليس فيه مزية، إنما المزية أن تحبه لا من أجل شيء أعطاك، وإنما تحبه من أجل الله عز وجل. هذه هي الدرجة العالية الرفيعة من المحبة في الله.

الخصلة الثالثة: «وَأَنْ يَكْرَهَ أَنْ يَعُودَ فِي الْكُفْرِ بَعْدَ إِذْ أَنْقَذَهُ اللَّهُ مِنْهُ كَمَا يَكْرَهُ أَنْ يُقْذَفَ فِي النَّارِ»، كل الناس ينفرون من النار؛ لأنها مؤلمة، ولا أحد يصبر على حرها، فكلٌّ يفر من النار ويبتعد عنها. والكفر نار، والمسلم الذي مَنَّ الله عليه بالإسلام يَكره أن يعود إلى الكفر، ويَكره الرِّدَّة عن دين الإسلام، كما يَكره أن يُلْقَى في النار.

هذا هو المؤمن حقًّا، الذي تَمَكَّن الإيمان من قلبه، فلا يساوم عليه، ولا يتنازل عن شيء منه أبدًا مهما كلَّفه الأمر، بل يتمسك بدينه؛ لأنه وَجَد حلاوة الإيمان ولذته.

أما الذي يدَّعي الإيمان، ولكنه يتنازل عن الإيمان أو عن شيء منه؛ من أجل الخوف أو الطمع أو غير ذلك - فهذا دليل إما على عدم إيمانه أو على نقصان إيمانه.

فهذا الحديث ميزان يزن العبد به إيمانه:

«أَنْ يَكُونَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا سِوَاهُمَا»: فإذا عَرَض له شيء من العوارض، فإنه يُقَدِّم محبة الله ورسوله على محبة ذلك العارض.


الشرح