العبادة، وأنه يجب أن يكون
خالصًا لله عز وجل، فلا يُخاف معه أحد، أو يُخاف من غيره سبحانه وتعالى.
ومناسبة هذا الباب للذي قبله واضحة؛ لأن الذي قبله في المحبة وهي نوع من
أنواع العبادة، وكذلك الخوف أحد ركائز العبادة، مما يدل على أن العبادة ليست هي
المحبة فقط، بل لابد أن يكون معها خوف، ويكون معها رجاء، ويكون معها خشية لله عز
وجل. والمحبة والخوف والرجاء والرغبة والرهبة والتوكل - كلها عبادات قلبية من
أعمال القلوب.
هذا وجه المناسبة لئلا يَفهم أحد أن العبادة مقصورة على المحبة كما تقوله
الصوفية، وإنما العبادة محبة وخوف ورجاء وخشية وتوكل ورغبة ورهبة في القلوب. وكذلك
أعمال الجوارح وأقوال اللسان.
فالعبادة واسعة؛ كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: «العبادة: هي
اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأعمال الباطنة والظاهرة. فالصلاة،
والزكاة، والصيام، والحج، وصدق الحديث، وأداء الأمانة، وبر الوالدين، وصلة
الأرحام، والوفاء بالعهود، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، والجهاد للكفار
والمنافقين، والإحسان إلى الجار واليتيم والمسكين وابن السبيل والمملوك من
الآدميين والبهائم، والدعاء، والذكر، والقراءة... وأمثال ذلك - من العبادة.