والمؤمن لا يهمه كل هذا، لا يهمه كلام الناس، ولا يَطلب رضا الناس؛ إنما
يَطلب رضا الله سبحانه وتعالى، فيقول الحق ولا يخشى في الله لومة لائم، ويفعل ما
يُرضي الله، ويتجنب ما يُسخط الله عز وجل.
والناس سيَرضَون عنه ولو في المستقبل، إذا كان طريقه واضحًا ومنهجه سليمًا.
وإن قُدِّر أن اعترض عليه أحد لهوى أو لنفاق أو لشر فيه، فهذا لا عبرة به، لكن
عقلاء الناس وأهل الرأي لا ينقمون عليه هذا الشيء إلاَّ إذا صار مذبذبًا.
أما إذا كان طريقه مذبذبًا، فإن الناس ينتقدونه، فإن أرضاهم سكتوا في
الظاهر لأنه وافقهم على هواهم، لكنهم يتنقصونه ويسخرون منه في الباطن، ويقولون:
هذا ليس له مبدأ، وليس له طريق يمشي عليه، هذا إمَّعة... إلى آخره.
وقلوب العباد بيد الله سبحانه وتعالى، فإذا أرضيتَ الله أرضى عنك الناس،
وإذا أسخطت الله أسخط عليك الناس.
لهذا قال عز وجل: ﴿فَلَا
تَخَافُوهُمۡ وَخَافُونِ إِن كُنتُم مُّؤۡمِنِينَ﴾ [آل عمران: 175]،
فهذه علامة الإيمان: ألاَّ يخاف الإنسان إلاَّ من الله، ولا يخاف في الله لومة
لائم. وعلامة النفاق: أن يخاف الإنسان من الناس، ويُقَدِّم رضاهم على رضا الله
سبحانه وتعالى.
فهذا الباب باب عظيم، فيه إخلاص الخوف من الله، وإخلاص الخشية من الله
سبحانه وتعالى، والْتماس رضا الله، وعدم الْتماس رضا الناس بسخط الله عز وجل.
الصفحة 26 / 513