وهذا ضلال مبين، بل الدعاء أمره عظيم، والدعاء عند الشدة والكرب سنة
الأنبياء والمرسلين عليهم الصلاة والسلام، لم يتركوا الدعاء في الرخاء أو الشدة
بحجة أن الله يراهم؛ لأنه أعظم أنواع العبادة.
وهذا القول موضوع ومكذوب على إبراهيم عليه السلام، وَضَعه الصوفية الذين
يرون أن الدعاء ليس له فائدة.
ولا يكفي للعبد أن يكون متوكلاً على الله بقلبه، بل لابد أن ينطق بالدعاء؛
ولذلك قال عليه السلام: ﴿حَسۡبُنَا ٱللَّهُ
وَنِعۡمَ ٱلۡوَكِيلُ﴾، ولم يكتفِ بما قام في قلبه من التوكل على الله؛ لأن
هذا دعاء وعبادة لله عز وجل.
قوله: «وَقَالَهَا مُحَمَّدٌ صلى الله
عليه وسلم - حِينَ قَالُوا: ﴿إِنَّ ٱلنَّاسَ
قَدۡ جَمَعُواْ لَكُمۡ فَٱخۡشَوۡهُمۡ﴾» هذا بعد وقعة أُحُد، حينما خرج النبي صلى الله عليه
وسلم في أصحابه إلى حمراء الأسد.
وقد سبق لنا بيان ما حصل عليهم في غزوة أُحُد من الابتلاء والامتحان، وما
فعله المشركون بعد ذلك لما أرسلوا إليهم مَن يهددهم بمجيء المشركين لاستئصال
بقيتهم! فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ﴿حَسۡبُنَا
ٱللَّهُ وَنِعۡمَ ٱلۡوَكِيلُ﴾، فقَذَف الله في قلوب أعدائهم الرعب، وقال المشركون: ما
خرج محمد وأصحابه في طلبنا إلاَّ وفيهم قوة!! فهربوا فزعين خائفين إلى مكة.
هذه عبرة وعظة عظيمة، فيها أن التوكل على الله حق التوكل له ثمار عظيمة في
الدنيا والآخرة، وأن مَن توكل على الله كفاه!!
فهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه لما توكلوا على الله، دفع عنهم
كيد عدوهم، وألقى الرعب في قلوب أعدائهم، فولَّوا خاسئين، ورجع