وأما
التوكل على الأحياء الحاضرين والسلطان... ونحوهم - فيما أَقْدَرَهم الله عليه من
رزق، أو رفع أذى، ونحو ذلك؛ فهو نوع شرك أصغر.
والمباح:
أن يُوكِّل شخصًا بالنيابة عنه في التصرف فيما له التصرف فيه من أمور دنياه؛
كالبيع، والشراء، والإجارة، والطلاق، والعَتاق... وغير ذلك، فهذا جائز بالإجماع،
لكن لا يقول: «توكلت عليه»، بل يقول: «وكَّلْته»، فإنه لو وكله فلابد أن يتوكل في
ذلك على الله سبحانه.
**********
قال الشيخ رحمه الله: «باب قول الله تعالى: ﴿وَعَلَى ٱللَّهِ
فَتَوَكَّلُوٓاْ إِن كُنتُم مُّؤۡمِنِينَ﴾ » أي: تفسير هذه الآية، وما جاء بمعناها من الأمر بالتوكل
على الله. والتوكل نوع من أنواع العبادة، بل هو من أعظم أنواع العبادة.
وهذا الباب والأبواب التي قبله كلها في أنواع العبادة القلبية: المحبة،
والخوف، والتوكل.
وليس من شك في شرك مَن أحب غير الله، أو خاف من غير الله، أو توكل على غير
الله؛ لأنه جَعَل مع الله شريكًا في عبادته، فجَعَل معه شريكًا في المحبة أو في
الخوف أو في التوكل، وهذا ينافي التوحيد.
ومعنى التوكل: التفويض والاعتماد، فمَن توكل على الله فقد فوَّض أموره إليه
واعتمد عليه. وجاء ذكر التوكل كثيرًا في القرآن، تارة يكون مأمورًا به وحده: ﴿وَعَلَى ٱللَّهِ فَتَوَكَّلُوٓاْ﴾ [المائدة: 23]،
وتارة يكون مقرونًا بالعبادة: ﴿فَٱعۡبُدۡهُ
وَتَوَكَّلۡ عَلَيۡهِۚ﴾ [هود: 123]، والآيات في هذا كثيرة، فيها الأمر بالتوكل
والثناء على المتوكلين.