قوله:
«وَالْقُنُوطُ مِنْ رَحْمَةِ اللهِ»: قال أبو السعادات: «هو أشد اليأس» ([1]).
وينبغي
للقلب أن يكون الغالب عليه الخوف، فإذا غلب الرجاء في حال الصحة فسد القلب. قال: ﴿إِنَّ
ٱلَّذِينَ يَخۡشَوۡنَ رَبَّهُم بِٱلۡغَيۡبِ لَهُم مَّغۡفِرَةٞ وَأَجۡرٞ كَبِيرٞ﴾ [الملك: 12]،
وقال: ﴿يَخَافُونَ يَوۡمٗا
تَتَقَلَّبُ فِيهِ ٱلۡقُلُوبُ وَٱلۡأَبۡصَٰرُ﴾ [النور: 37].
**********
قوله: «أكبر الكبائر الإشراك بالله»
كل الأدلة تدل على أن الشرك أكبر الكبائر وأعظم الذنوب.
ومعنى الإشراك بالله: صَرْف شيء من أنواع العبادة لغير الله؛ كالذبح لغير
الله، والنذر لغير الله، ودعاء غير الله، والاستغاثة بغير الله، من أموات وغائبين
ومقبورين. هذا كله شرك بالله عز وجل؛ لأنه عبادة لغير الله.
فهذا الحديث مثل حديث ابن عباس رضي الله عنهما الذي قبله، يدل على أن
الكبائر تنقسم إلى كبائر وصغائر، والكبائر تختلف بعضها أكبر من بعض.
ويدل أيضًا على تحريم الأمن من مكر الله والقنوط من رحمة الله، وأنهما
ينقصان كامل التوحيد، وقد ينفيان التوحيد.
فيجب على العبد المؤمن أن يَجمع بين الخوف والرجاء؛ لأنه إذا خاف فقط قنط
من رحمة الله، وإذا أَمِن مكر الله لم يتب من المعاصي.
**********
([1]) انظر: النهاية في غريب الحديث والأثر (4/113).
الصفحة 15 / 513