×
شرح كتاب الفتن والحوداث

فَلِذَلِكَ الأَْمْوَالُ فِتْنَةٌ، إِذَا أَخَذَهَا مِنْ وَجْهِ الْحَلاَلِ، وَصَرَفَهَا فِي الْحَلاَلِ، فَهِيَ خَيْرٌ وَمُعِينَةٌ عَلَى الدِّينِ، وَإِنْ صَرَفَهَا فِي غَيرِ وَجْهِهَا، فَإِنَّهَا تَكُونُ مَسؤُولِيّةً عَلَيْه؛ لأَنَّهُ يُسأَلُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ «عَنْ مَالِهِ مِنْ أَيْنَ اكْتَسَبَهُ وَفِيمَ أَنْفَقَهُ» ([1])؛ يُسأل أَوَّلاً: مِنْ أَيْنَ جَاءَك الْمَالُ هَذَا؟ مَا الطَّرِيقَةُ الَّتِي حَصَّلْتَهُ بِهِ؟ ثُمَّ إِذَا صَحَّ السُّؤَالُ الأَْوَّلُ، وسَلِمَ مِنْهُ.

يأتي السُّؤَالُ الثَّانِي: أَيْنَ أَنْفَقَتَ هَذَا الْمَالَ؟ فِي الْحَلاَلِ أَوْ فِي الْحَرَامِ؟ اسْتَعَنْت بِهِ عَلَى طَاعَةِ اللَّهِ، أَوْ عَلَى مَعْصِيَةِ اللَّهِ؟ يُحَاسَبُ عَنْ هَذَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ، ولِذَلِك الْمَالُ مَسؤُولِيَّةٌ، فَخَطَرُهُ عَظِيمٌ.

قَدْ يَتْرُك دِينَهُ مِنْ أَجْلِ أَنْ يَحْصُلَ عَلَى وَظِيفَةٍ، لَكِنْ لاَ يُوَظَّفُ فِيهَا، إلاَّ مَنْ تَرَكَ دِينَهُ أَوْ سُنَّة النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَيَقَعُ فِي الْفِتْنَةِ ﴿أَلَا فِي ٱلۡفِتۡنَةِ سَقَطُواْۗ [التَّوْبَةِ: 49]؛ ابْتِلاَءٌ وَامْتِحَانٌ.

الأَْوْلاَد فِتْنَةٌ: ﴿إِنَّمَآ أَمۡوَٰلُكُمۡ وَأَوۡلَٰدُكُمۡ فِتۡنَةٞۚ [التَّغَابُنِ: 15]. أَنْتَ تُحِبُّ أَوْلاَدك، لَيْسَ هُنَاكَ شَكٌّ، وهَذَا شَيْءٌ جَعَلَهُ اللَّهُ، لَكِنْ هَلْ تُرَبِّيهِم عَلَى طَاعَةِ اللَّهِ؟ هَلْ تَصْبِرُ عَلَيْهِمْ؟ هَلْ تَأْمُرُهُمْ بِالصَّلاَةِ لِسَبْعٍ؟ هَلْ تُعَلِّمهُم أُمُورَ دِينِهِمْ إِذَا مَيَّزُوا؟ هَلْ تَصْبِرُ عَلَيْهِم وَتُلْزِمُهُم بِالصَّلاَةِ؟ أَوْ تَتَسَاهَلَ مَعَهُمْ، تَقُولُ: «وَاَللَّه أَنَا أُحِبُّهُمْ، وَلَسْت أَنَا بِشَاقٍّ عَلَيْهِمْ، ولا مُكَلِّفٌ لَهُمْ، ولاَ مُبْعِدُهُم مِنْ وَقْتِهِمْ؟ تَكُونُ سَقَطْتَ فِي الْفِتْنَةِ، الأَْوْلاَدُ فِتْنَةٌ مِنْ حَيْثُ تَرْبِيَتُهُمْ، مِنْ حَيْثُ ضَبْطُهُم، مِنْ حَيْثُ مُرَاقَبَتُهُم؛ دُخُولاً وخُرُوجًا


الشرح

([1])  أخرجه: الترمذي رقم (2416)، والطبراني في الكبير رقم (9772).