مِنْ
أَحَادِيثِ الْفِتَنِ
****
ولِمُسْلِم:
عَنْ حُذَيْفَةَ رضي الله عنه، قَالَ: «قَامَ فِينَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه
وسلم مَقَامًا، مَا تَرَكَ شَيْئًا يَكُونُ فِي مَقَامِهِ ذَلِكَ إِلَى قِيَامِ
السَّاعَةِ، إِلاَّ حَدَّثَ بِهِ، حَفِظَهُ مَنْ حَفِظَهُ وَنَسِيَهُ مَنْ
نَسِيَهُ، قَدْ عَلِمَهُ أَصْحَابِي هَؤُلاَءِ، وَإِنَّهُ لَيَكُونُ مِنْهُ
الشَّيْءُ قَدْ نَسِيتُهُ فَأَرَاهُ فَأَذْكُرُهُ، كَمَا يَذْكُرُ الرَّجُلُ
وَجْهَ الرَّجُلِ إِذَا غَابَ عَنْهُ، ثُمَّ إِذَا رَآهُ عَرَفَهُ» ([1]).
قال:
«وَاللَّهِ مَا أَدْرِي أَنَسِيَ أَصْحَابِي، أَمْ تَنَاسَوْهُ؟ وَاللَّهِ مَا
تَرَكَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ قَائِدِ فِتْنَةٍ، إِلَى أَنْ
تَنْقَضِيَ الدُّنْيَا، يَبْلُغُ مَنْ مَعَهُ ثَلاَثَ مِائَةٍ فَصَاعِدًا، إِلاَّ
قَدْ سَمَّاهُ لَنَا بِاسْمِهِ، وَاسْمِ أَبِيهِ، وَاسْمِ قَبِيلَتِهِ» ([2]).
****
هَذَا الْحَدِيثُ فِيْهِ أن النَّبِيَّ صلى الله
عليه وسلم خَطَبَ أُمَّتَه يَومًا كَامِلاً؛ يَخْطُبُ، ثُمَّ إِذَا حَانَتْ
الصَّلاَةُ، نَزَلَ، وَصَلَّى، ثُمَّ عَادَ يَخْطُبُ، إِلَى أن يَكْمُلَ
الْيَوْمُ.
وذَكَرَ
فِيْهِ فِي هَذِهِ الْخُطْبَةِ أمورًا كَثِيرَةً، يَحْتَاجُهَا النَّاسُ، وهَذَا
مِنْ بَلاَغِه صلى الله عليه وسلم؛ فَإِنَّه بَلَّغَ أُمَّته كَلَّ مَا أَمَرَهُ
اللَّهُ بِهِ، وَلَمَّ يَتْرُكْ شَيئًا، إلاَّ وَقَدَ نَقَلَهُ وَبَلَّغَهُ
لَهُمْ.
وَلَكِنَّ
النَّاسَ يَخْتَلِفُونَ فِي هَذَا، الْحَاضِرُونَ يَخْتَلِفُونَ؛ مِنْهُمْ مَنْ
يَسْتَوْعِبُ كَلَّ مَا قَالَهُ الرَّسُولُ صلى الله عليه وسلم، وَيَحْفَظُهُ،
وَيَرْوِيهِ، ومنهم مَنْ يَفُوتُ عَلَيْهِ بَعْضُ الشَّيْءِ، وَلَكِنْ إِذَا
وُجِدَ مَنْ يَحْفَظُ - وَلَو كَانُوا قَلِيلِينَ -، يَنْفَعُ اللَّه بِهِمْ
الأُْمَّةَ، فَهَذَا مَا حَصَلَ مِن الْرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم فِي هَذَا
الْيَوْمِ.
****
([1]) أخرجه: مسلم رقم (2891).
الصفحة 1 / 310