بَابُ
التَّغَرُّبِ فِي الفِتْنَةِ
****
وَلَه
عَن أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه أَنَّهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ
اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «يُوشِكُ أَنْ يَكُونَ خَيْرَ مَالِ المُسْلِمِ
غَنَمٌ يَتْبَعُ بِهَا شَعَفَ الجِبَالِ وَمَوَاقِعَ القَطْرِ، يَفِرُّ بِدِينِهِ
مِنَ الفِتَنِ» ([1]).
****
وَالْفِتَنُ: جَمَعُ
فِتْنَةٍ وَهِيَ الاِبْتِلاَءُ وَالاِمْتِحَانُ، أَوْ مَا يُسَمَّى الآْنَ
بِالاِخْتِبَارِ. وَيُمْتَحَنُ الإِْنْسَانُ وَيُخْتَبَرُ عَلَى حَسَبِ دِينِهِ،
فَإِمَّا أن يَثْبُتَ عَلَى دِينِهِ، وَيَصْبِرَ عَلَى الْفِتَنِ، وإما أنْ
يَنْحَرِفَ مَعَ الْفِتَنِ، وَيَتْرُكَ الدَّيْنَ، ولذلك فَالفِتَنُ خَطِيرَةٌ
جدًّا.
الْفِتْنَةُ:
قَدْ تَكُون بِالأَْقْوَالِ وَالْمَذَاهِبِ وَالأَْفْكَارِ، فَيَنجَرِفُ
الإِْنْسَان مَعَ أَيِّ مَذْهَبٍ، أَوْ أَيِّ فِكْرَةٍ، أَوْ أَيِّ قَوْلٍ
يُوَافِقُ هَوَاهُ، وَيتْرُكُ السُّنَّةَ؛ فَيَنْحَرِفُ.
تَكُون
الْفِتَن - أيضًا - بِالأَْمْوَالِ: ﴿إِنَّمَآ أَمۡوَٰلُكُمۡ وَأَوۡلَٰدُكُمۡ فِتۡنَةٞۚ وَٱللَّهُ
عِندَهُۥٓ أَجۡرٌ عَظِيمٞ﴾
[التغابن: 15]، قَدْ يُبْتَلَى الإِْنْسَانُ بِالْمَالِ، وَيُحِبُّ الْمَالَ
حُبًّا جَمًّا، قَدْ يَأْخُذُه مِنْ غيرِ وَجْهِه: يَأْخُذُه مِن الْحَرَامِ، مِن
الْرِّبَا، مِن الْغِشِّ، مِن الْمَيْسِرِ وَالْقُمَارِ؛ لأَنَّهُ يُحِبُّ
الْمَالَ، ولاَ يُبَالِي بِأَنَّهُ حَرَامٌ، حُبُّ الْمَالِ يَجْذِبُهُ؛
فَتَأْخُذُه الْفِتْنَةُ - وَالْعِيَاذ بِاَللَّهِ -؛ فِتْنَةُ الْمَالِ.
أَوْ يُعْطَى طَمَعًا، يُعْطَى طَمَعًا عَلَى أن يذْهبَ كَذَا، وَيَقُولُ كَذَا؛ مُخَالِفًا لِلدِّينِ، ومخَالِفًا لِلسُّنَّةِ مِنْ أَجَلِ الْمَالِ؛ يَعْنِي: يُسْتَأْجَرُ - وَالْعِيَاذ بِاَللَّهِ -، فَيَتَكَلَّمُ بِغَيْرِ حَقٍّ مِنْ أَجْلِ أن يَحْصُلَ عَلَى هَذَا الْمَالِ.
الصفحة 1 / 310