×
شرح كتاب الفتن والحوداث

بَابُ لاَ يَأْتِي زَمَانٌ إِلاَّ وَالَّذِي بَعْدَهُ شَرٌّ مِنْهُ

****

وَلِلبُخَارِيِّ: عَن الزُّبَيْرِ بْنِ عَدِيٍّ، قَالَ: أَتَيْنَا أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ، فَشَكَوْنَا إِلَيهِ مَا نَلقَى مِن الحَجَّاجِ، فَقَالَ: «اصْبِرُوا، فَإِنَّهُ لاَ يَأْتِي عَلَيْكُمْ زَمَانٌ إِلاَّ وَالَّذِي بَعْدَهُ شَرٌّ مِنْهُ، حَتَّى تَلْقَوْا رَبَّكُمْ» سَمِعْتُهُ مِنْ نَبِيِّكُمْ صلى الله عليه وسلم ([1]).

****

 قَولُه: «أَتَيْنَا أَنَسَ»، أنَسُ بنُ مَالكٍ رضي الله عنه خَادِمُ الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم.

شَكَوا إِلَيه مَا يَجِدُون مِن ظُلمِ الحَجَّاجِ؛ الحَجَّاجُ أَمِيرٌ مِن أُمَرَاءِ بَنِي أُمَيّةَ، أَمِيرٌ عَلَى العِرَاقِ، وَهُو ظَالِمٌ، وشَدِيدٌ، وَعِندَه قَسوَةٌ، فَشَكَوا إِلَى أَنَسِ بنِ مَالكٍ رضي الله عنه مَا يَلقَونَ مِن ظُلمِ الحجَّاجِ وَقَسوَتِه عَلَيهم.

قوله: «فَشَكَوْنَا إِلَيهِ مَا نَلقَى مِن الحَجَّاجِ، فَقَالَ: «اصْبِرُوا»»، اصْبِرُوا عَلَى ظُلمِه، عَلَى قَسوتِه.

قَولُه رضي الله عنه: «فَإِنَّهُ لاَ يَأْتِي عَلَيْكُم زَمَانٌ إَلاّ الّذي بَعْدَهُ شَرٌّ مِنْهُ، حتى تلقوا ربكم، سَمِعْتُهِ من نبيِّكم صلى الله عليه وسلم »؛ «لاَ يَأْتِي عَلَيْكُم زَمَانٌ»، هَذَا مَحلُّ الشَّاهِدِ، «لاَ يَأْتِي عَلَيْكُم زَمَانٌ إَلاّ الّذي بَعْدَهُ شَرٌّ مِنْهُ»؛ يَتَحوَّلُ النّاسُ شَيئًا فَشَيئًا؛ كلُّ أَهلِ فَترةٍ أَسوَأُ مِن الّذِينَ قَبلَهم، حتَّى يُصبِحَ الدِّينُ غَرِيبًا فِي النّاسِ فِي آخِرِ الزّمانِ.

هَذَا الحَدِيثُ فِيهِ أنَّه كُلَّما تَأخَّرَ الزّمانُ، اشْتَدّت الغُربَةُ لأَِهلِ الدِّينِ، فَعَلَيهِم بِالصَّبْرِ. فَأَنسٌ رضي الله عنه أَمَرَهم بِالصَّبْرِ علَى الحَجَّاجِ، وَهَذا فِيهِ دَليلٌ عَلَى الصَّبرِ عَلَى ظُلمِ الوُلاَةِ - وَإنْ جَارُوا، وَإِنْ ظَلمُوا -؛ لأِنَّ فِي هَذَا


الشرح

([1])  أخرجه: البخاري رقم (7068).