×
شرح كتاب الفتن والحوداث

وَلِمُسْلِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: «يَتَقَارَبُ الزَّمَانُ، وَيَنْقُصُ الْعِلْمُ، وَيُلْقَى الشُّحُّ، وَتَظْهَرُ الْفِتَنُ، وَيَكْثُرُ الْهَرْجُ» قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، وَمَا هُو؟ قَالَ: «الْقَتْلُ القَتْلُ» ([1]).

****

جَمْعًا لِلكَلِمةِ، وَاستِقرَارًا لِلأَمنِ. والخُرُوجُ عَلَى وَلِيِّ الأَمرِ يُسبِّبُ الشَّرَّ والفِتنَةَ، يُسبِّبُ سَفكَ الدّماءِ وضَياعَ الأَمنِ؛ فَهُو أَشدُّ مِن صَبْرِهم علَى ظُلمِ الرَّاعِي.

لاَ شَكَّ أنَّ ظُلمَ الرَّاعِي لاَ يَجُوزُ، لَكِنّه أَخفُّ مِن ضَيَاعِ الكَلمَةِ وَاختِلاَلِ الأَمنِ وَسَفكِ الدّماءِ فِي الخُروجِ عَلَيهِ، الصّبْرُ عَلَى ظُلمِهِ أَخفُّ مِن الخُرُوجِ عَلَيهِ وانْفِلاَتِ الأَمنِ نِهَائيًّا؛ هَذَا مِن ارتِكَابِ أخَفِّ الضَّرَرَين لِدَفعِ أَعلاَهُما؛ كمَا هِيَ القَاعِدةُ.

****

هَذَا فِي آخِرِ الزَّمَانِ، فِي آخِرِ الزَّمَانِ تَزِيدُ الفِتنُ، وَتَشتَدُّ، مَاذَا نَعمَلُ؟

الصَّبْرُ، اصْبِرُوا، تَمَسّكُوا بِدِينِكُم، وَاصْبِرُوا، هَذَا هُو الحَلُّ، لَيْسَ لَكُم غَيرُ الصَّبْرِ علَى الدّينِ، ولأَنّه وَرَدَ أنَّ القَابِضَ عَلَى دِينِه فِي آخِرِ الزَّمَانِ كَالقَابِضِ عَلَى الجَمرِ ([2])؛ مِن شدَّةِ مَا يَلقَى، بِسَببِ تَمسّكُهِ بِدِينِه يَلقَى مِن النّاسِ الأَذَى والمُضَايقَةِ وغَيرِ ذَلِك مِن أَنوَاعِ الأَذَى، فَيَصبِرُ، لَيْسَ هنَاكَ حَلٌّ إلاَّ الصّبْرُ.

قَولُه صلى الله عليه وسلم: «يَتَقَارَبُ الزَّمَانُ»؛ يَعنِي: يَتَقَاربُ الزّمانُ، وَيَنشَغلُ النّاسُ، وَيَمرُّ الوَقتُ عَلَيهم بِسُرعَةٍ؛ مِثلَمَا هُو مُشَاهدٌ الآَنَ، مَا شَاءَ اللهُ


الشرح

([1])  أخرجه: مسلم رقم (157).

([2])  أخرجه: أبو داود رقم (4341)، والترمذي رقم (3058).