أسْبُوعٌ وَرَاءَ أُسبُوعٍ علَى الفَورِ، هَذَا
مِن تقَارُبِ الزّمَانِ؛ لأنّ النّاسَ مَشغُولُون بِالدّنيَا، ومَشغُولُون
بِتِجَارَتِهم، وَمَشغُولُونَ بِوَظائِفِهم، وَيَذهَبُ الوَقتُ، وَلاَ يَدرُونَ.
قَولُه
صلى الله عليه وسلم: «وَيَنْقُصُ العَمَلُ»، هذَا مَحلُّ الشَّاهِدِ؛ يَنقُصُ عمَلُ
النّاسِ، العمَلُ الصَّالِحُ يَعنِي؛ لأِنَّه لاَ يَجتَمعُ العمَلُ الصَّالِحُ
مَعَ الانْشِغَالِ بِالدّنيَا، لاَ بدَّ أنْ يَقضِي أَحدُهم عَلَى الثّانِي، أَو
يُغلَّبُ عَلَيه، فَالّذِي يَنشَغِلُ بِالدّنيَا، يَخِفّ عَلَيه الدِّينُ، والّذِي
يَنشَغِلُ بِالدّنيَا، تَخِفّ عَلَيهِ الدّنيَا.
قَولُه
صلى الله عليه وسلم: «وَيُلْقَى الشُّحُّ»، الشَّحُّ يَعنِي: إِمسَاكُ المَالِ، وعَدمُ
الإِنفَاقِ فِي سَبيلِ اللهِ.
قَولُه
صلى الله عليه وسلم: «وَتَظْهَرُ الفِتَنُ»، الّتِي هِي الفِتنُ فِي الدِّينِ؛ يَعنِي:
فِتنَةُ المَالِ، فِتنَةُ النّسَاءِ، فِتنَةُ التَّساهُلِ فِي أمُورِ الدّنيَا،
فِتنَةُ التَّشبُّهِ بِالكفَّارِ، هَذِه فِتنٌ كلُّها تَكثُرُ.
قَولُه
صلى الله عليه وسلم: «وَيَكْثُرُ الهَرْجُ»، الهَرْجُ هُو القَتلُ؛ يَعنِي: سَفكُ
الدِّمَاءِ - والعِيَاذُ بِاللهِ -، إذَا جَاءَت الفِتنُ، وَتَفرَّقَ النّاسُ،
بَدَلَ الجمَاعَةِ تَفَرّقُوا، حَصَلَ بَينَهُم القِتَالُ، وَقَتَلَ بَعضُهم
بَعْضًا - كَمَا هُو مُشَاهَد -، فَلاَ أَمَانَ إلاَّ بِجمَاعَةٍ، وَلاَ جمَاعَةَ
إِلاّ بإِمَامَةٍ، وَلاَ إِمَامةَ إلاّ بِسَمعٍ وَطَاعةٍ، لاَ بدَّ مِن هَذِه
الأمُورِ.
قوله:
«قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، وَمَا هُو؟
قَالَ: «القَتْلُ القَتْلُ»»، الهَرْجُ يَعنِي: «القَتْلُ القَتْلُ»؛ أيْ: يَكثُرُ القَتلُ، إِذَا كَثُرَ الخِلافُ،
تَفرَّق النّاسُ، قَتَلَ بَعضُهم بَعضًا، وَهَذا مِن مَفَاسدِ تَركِ الجمَاعَةِ.
***
الصفحة 3 / 310