عَلَيۡهِ ءَابَآءَنَآۚ﴾ [البقرة: 170].
وَهَذَا
هُوَ شَأْنُ المُتَعَصِّبينَ اليَوْم من بَعْض أَتْبَاع المَذَاهب وَالصُّوفيَّة
وَالقُبُوريِّين إذَا دُعُوا إلَى اتِّبَاع الكِتَابِ وَالسُّنَّة وَنَبْذِ مَا
هُمْ عَلَيْه مِمَّا يُخَالفُهُمَا، احْتَجُّوا بمَذَاهِبِهم وَمَشَايِخِهم
وَآبَائِهِم وَأَجْدَادِهِمْ.
التَّشَبُّهُ
بالكُفَّار: هُوَ من أَشَدِّ مَا يُوقِعُ فِي البِدَعِ، كَمَا فِي حَدِيثِ أَبي
وَاقِدٍ اللَّيْثي قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُول اللَّه صلى الله عليه وسلم إلَى
حُنَيْنٍ وَنَحْنُ حُدَثَاء عَهْد بكُفْرٍ، وَللْمُشْركينَ سِدْرَةٌ يَعْكُفُونَ
عنْدَهَا، ويَنُوطُون بِهَا أَسْلحَتَهُم يُقَالُ لَهَا: ذَاتُ أَنْوَاطٍ،
فَمَرَرْنَا بسِدْرَةٍ فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّه، اجْعَل لَنَا ذَاتَ
أَنْوَاطٍ كَمَا لَهُم ذَاتُ أَنْوَاط؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم:
«اللهُ أَكْبَرُ، إِنَّهَا السَّنَنُ،
قُلْتُمْ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ كَمَا قَالَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ لِمُوسَى: ﴿ٱجۡعَل لَّنَآ
إِلَٰهٗا كَمَا لَهُمۡ ءَالِهَةٞۚ قَالَ إِنَّكُمۡ قَوۡمٞ تَجۡهَلُونَ﴾ [الأعراف: 138] لتَرْكَبُنَّ سَنَنَ مَنْ كَان قَبْلَكُمْ»
([1]).
فَفي هَذَا الحَدِيثِ أَنَّ التَّشَبُّهَ بالكُفَّار هُوَ الَّذي حَمَلَ بَنِي إسْرَائيلَ وَبَعْض أَصْحَاب مُحَمَّدٍ عليه الصلاة والسلام أَن يَطْلُبُوا هَذَا الطَّلَبَ القَبيحَ من نَبيِّهم، وَهُوَ أَن يَجْعَلَ لَهُمْ آلهَةً يَعْبُدُونَهَا، وَيَتَبَرَّكُونَ بهَا من دُون اللَّه - وَهَذَا هُوَ نَفْس الوَاقِع اليَوْمَ - فَإنَّ غَالِبَ النَّاس مِنَ المُسْلِمِينَ قَلَّدُوا الكُفَّارَ فِي عَمَل البِدَعِ وَالشِّرْكيَّات كَأَعْيَاد المَوَالد، وَإقَامَة الأَيَّام وَالأَسَابيع لأَعْمَالٍ مُخَصَّصَةٍ، وَالاحْتفَال بالمُنَاسَبَات الدِّينيَّة وَالذِّكْرَيَات، وَإقَامَة التَّمَاثيل وَالنُّصُب التَّذْكَاريَّة، وَإقَامَة المَآتم وَبِدَعِ الجَنَائز وَالبِنَاءِ عَلَى القُبُور، وَغَيْر ذَلكَ.
([1]) أخرجه: الترمذي رقم (2180)، وأحمد رقم (21897)، والطبراني في الكبير رقم (3291).