×
محاضرات في العقيدة والدعوة الجزء الأول

فَمَنْ أَعْرَضَ عَنِ الكِتَابِ وَالسُّنَّة، تَنَازَعَتْهُ الطُّرُقُ المُضَلِّلَةُ، وَالبِدَعُ المُحْدَثَةُ، فَالأَسْبَابُ الَّتِي أَدَّتْ إِلَى ظُهُور البِدَعِ تَتَخَلَّصُ فِي الأُمُور التَّاليَة: الجَهْلُ بأَحْكَام الدِّين، اتِّبَاعُ الهَوَى، التَّعَصُّبُ للآْرَاء وَالأَشْخَاص، التَّشَبُّهُ بالكُفَّار وَتَقْليدُهُمْ. وَنَتَنَاوَلُ هَذِهِ الأَسْبَابَ بشَيْءٍ منَ التَّفْصيل:

الجَهْلُ بأَحْكَام الدِّين: كُلَّمَا امْتَدَّ الزَّمَنُ، وَبَعُدَ النَّاسُ عَن آثَار الرِّسَالَة، قَلَّ العِلْمُ، وَفَشَا الجَهْلُ، كَمَا أَخْبَرَ بذَلكَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم بقَوْله: «مَنْ يَعِشْ مِنْكُمْ بَعْدي فَسَيَرَى اخْتِلاَفًا كَثِيرًا» ([1])، وَقَوْله: «إِنَّ اللهَ لاَ يَقْبِضُ الْعِلْمَ انْتِزَاعًا يَنْتَزِعُهُ مِنَ العِبَاد، وَلَكِنْ يَقْبِضُ الْعِلْمَ بِقَبْضِ الْعُلَمَاءِ، حَتَّى إِذَا لَمْ يُبْقِ عَالِمًا، اتَّخَذَ النَّاسُ رُءُوسًا جُهَّالاً، فَسُئِلُوا فَأَفْتَوْا بِغَيْرِ عِلْمٍ، فَضَلُّوا وَأَضَلُّوا» ([2]) فَلاَ يُقَاوِمُ البِدَعَ إلاَّ العِلْمُ وَالعُلَمَاءُ، فَإذَا فُقِدَ العِلْمُ وَالعُلَمَاءُ أُتِيحَتِ الفُرْصَةُ للْبِدَعِ أَن تَظْهَرَ وَتَنْتَشِرَ، وَلأَهْلهَا أَن يَنْشَطُوا.

اتِّبَاعُ الهَوَى: مَنْ أَعْرضَ عَن الكتَاب وَالسُّنَّة، اتَّبَعَ هَوَاهُ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿فَإِن لَّمۡ يَسۡتَجِيبُواْ لَكَ فَٱعۡلَمۡ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهۡوَآءَهُمۡۚ وَمَنۡ أَضَلُّ مِمَّنِ ٱتَّبَعَ هَوَىٰهُ بِغَيۡرِ هُدٗى مِّنَ ٱللَّهِۚ [القصص: 50] وَقَالَ تَعَالَى: ﴿أَفَرَءَيۡتَ مَنِ ٱتَّخَذَ إِلَٰهَهُۥ هَوَىٰهُ وَأَضَلَّهُ ٱللَّهُ عَلَىٰ عِلۡمٖ وَخَتَمَ عَلَىٰ سَمۡعِهِۦ وَقَلۡبِهِۦ وَجَعَلَ عَلَىٰ بَصَرِهِۦ غِشَٰوَةٗ فَمَن يَهۡدِيهِ مِنۢ بَعۡدِ ٱللَّهِۚ [الجاثية: 23]. وَالبِدَعُ إنَّمَا هيَ نَسيجُ الهَوَى المُتَّبَع.

التَّعَصُّبُ للآْرَاء وَالرِّجَال يَحُولُ بَيْنَ المَرْءِ وَاتِّبَاع الدَّليل وَمَعْرفَة الحَقِّ، فَقَالَ تَعَالَى: ﴿وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ ٱتَّبِعُواْ مَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ قَالُواْ بَلۡ نَتَّبِعُ مَآ أَلۡفَيۡنَا


الشرح

([1])  أخرجه: أبو داود رقم (4607)، وابن ماجه رقم (42)، وأحمد رقم (17144).

([2])  أخرجه: البخاري رقم (100)، ومسلم رقم (2673).