وَإنَّ كِبَارَ السِّنِّ يَفْضُلُونَهُم
بالسَّبْق وَالتَّجَارب وَالخِبْرَةِ، إلاَّ أَنَّ ضَعْفَ أَجْسَامِهِم فِي
الغَالِبِ، وَضَعْف قُوَاهُمْ، لاَ يُمكِّنُهُمْ مِمَّا يَقُومُ بِهِ الشَّبَابُ
الأَقْويَاءُ، وَمِنْ هُنَا كَانَ دَوْرُ شَبَاب الصَّحَابَة - رَضِيَ اللَّهُ
تَعَالَى عَنْهُم - هُوَ الدَّوْرُ العَظيمُ فِي نَشْرِ هَذَا الدِّينِ تَفقُّهًا
فِي دِينِ اللَّهِ، وجهَادًا فِي سَبيلِهِ، مِنْ أَمْثَال عَبْدِ اللَّه بْن
عَبَّاسٍ، وَعَبْدِ اللَّه بْن عُمَر، وَعَبْد اللَّه بْن عَمْرُو بْن العَاص،
وَمُعَاذ بْن جَبَلٍ، وَزَيْد بْن ثَابِتٍ، وَغَيْرِهِمْ من شَبَاب الصَّحَابَة
الَّذينَ نَهَلُوا مِنَ العِلْمِ النَّافِعِ، وَحَفِظُوا لهَذِهِ الأُمَّة
مِيرَاثَ نَبيِّهَا صلى الله عليه وسلم، وَبَلَّغُوه، وَإلَى جَانِبِهم القَادَةُ
كَخَالِدِ بْن الوَلِيدِ، وَالمُثنَّى بْنِ حَارِثَةَ الشَّيْبَاني وَغَيْرهمَا،
كُلُّهمْ أُمَّةٌ وَاحدَةٌ قَامُوا بأَعْبَاء وَاجِبِهمْ، فَأَدَّوْا دَوْرًا
كبيرًا تُجَاهَ دِينِهمْ وَأُمَّتهمْ وَمُجْتَمَعهمْ، لاَ تَزَالُ آثَارُهُ
بَاقيَةً إلَى اليَوْم، وَسَتَبْقَى - بإِذْنِ اللَّهِ - مَا بَقِيَ الإسْلاَمُ،
وَشَبَابُ هَذَا الوَقْتِ هُمْ مِنْ وَرَثَة أُولَئكَ إذَا مَا أَحْسَنُوا
لأَنْفُسِهِمْ، وَعَرَفُوا مَكَانَتَهُمْ، وَتَحَمَّلُوا أَمَانَتَهُمْ، فَهُوَ
وَرَثَة أُولَئكَ الشَّبَاب الأَقْدَمينَ، وَقَدْ أَخْبَرَ النَّبيُّ صلى الله
عليه وسلم أَنَّ مِنَ السَّبْعَة الَّذينَ يُظلُّهُم اللَّهُ فِي ظِلِّهِ يَوْمَ
لاَ ظِلَّ إلاَّ ظِلُّهُ، مِنْهُم «شَابٌّ
نَشَأَ فِي عِبَادةِ اللهِ» ([1]).
توجيهات الرسول صلى الله عليه وسلم للشباب
****
وَالنَّبيُّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يُولِي جَانِبًا مِنْ تَوْجِيهَاتِهِ إلَى الشَّبَاب فَيَقُولُ صلى الله عليه وسلم لابْن عَبَّاسٍ: «يَا غُلاَمُ، إِنِّي أُعَلِّمُكَ كَلِمَاتٍ؛ احْفَظِ اللهَ يَحْفَظْكَ، احْفَظِ اللهَ تَجِدْهُ تُجَاهَكَ، إِذَا سَأَلْتَ فَاسْأَلِ اللهَ، وَإِذَا اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ بِاللهِ» ([2]).
([1]) أخرجه: البخاري رقم (660)، ومسلم رقم (1031).