×
محاضرات في العقيدة والدعوة الجزء الأول

وَيَقُولُ صلى الله عليه وسلم لمُعَاذ بْن جَبَلٍ وَهُوَ رَديفُهُ عَلَى حِمَارٍ: «يَا مُعَاذُ أَتَدْرِي مَا حَقُّ اللهِ عَلَى الْعِبَادِ؟ وَمَا حَقُّ الْعِبَادِ عَلَى الله؟» ([1]) إلَى آخِرِ الحَدِيثِ، وَيَقُولُ صلى الله عليه وسلم لعُمَر بْنِ أَبِي سَلَمَةَ رَبيبِهِ، وَهُوَ طِفْلٌ صَغِيرٌ لَمَّا أَرَادَ أَن يَأْكُلَ مَعَ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم وَجَالَتْ يَدُهُ فِي الصَّحْفَة، أَمْسَكَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم بِيَدِهِ وَقَالَ: «يَا غُلاَمُ، سَمِّ اللهَ، وَكُلْ بِيَمِينِكَ، وَكُلْ مِمَّا يَلِيكَ» ([2])، فَهَذِهِ تَوْجيهَاتٌ مِنَ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم يُوَجِّهُهَا لطِفْلٍ يَغْرسُ فِي قَلْبه هَذِهِ الآدَابَ العَظيمَة، وَهَذَا مِمَّا يَدُلُّ عَلَى أَهَمِّيَّة تَوْجيه الشَّبَاب نَحْوَ الخَيْر، وَمَسْؤُوليَّة الكِبَارِ نَحْوَهُمْ.

العناية بالشباب

****

وَدِينُنَا الإسْلاَميُّ اهْتَمَّ بتَنْشئَة الشَّبَاب اهْتِمَامًا بَالغًا؛ لأَنَّهُمْ هُمُ الرِّجَالُ فِي المُسْتَقْبَل، وَهُمُ الَّذينَ سَيَخْلُفُونَ آبَاءَهُمْ، وَيَرِثُونَهُمْ، وَيَقُومُونَ بِدَوْرهِمْ فِي الحَيَاة، فَمِنْ تَوْجيهَات الإسْلاَم إلَى العِنَايَة بالشَّبَاب:

أَوَّلاً: اخْتيَارُ الزَّوْجَة الصَّالحَة:

الَّتي هِيَ مَنْبَتُ الأَوْلاَد، وَهِيَ مَوْضِعُ الحَرْث الَّذي يَنْبُتُ فِيهِ الأَوْلاَدُ، فَالنَّبيُّ صلى الله عليه وسلم حَثَّنَا عَلَى اخْتيَار الزَّوْجَة الصَّالحَة، وَقَالَ صلى الله عليه وسلم: «اظْفَرْ بِذَاتِ الدِّينِ تَرِبَتْ يَدَاكَ» ([3])؛ لأَنَّ الزَّوْجَةَ الصَّالحَةَ إذَا رَزَقَ اللَّهُ الزَّوْجَ مِنْهَا أَوْلاَدًا، فَإنَّهَا تُوَجِّهُهُمْ، وَتَقُومُ بِدَوْرهَا نَحْوَهُمْ مِنْ طُفُولَتِهِمْ، هَذَا مِنْ تَوْجيهَات الإسْلاَم نَحْوَ الشَّبَاب.


الشرح

([1])  أخرجه: البخاري رقم (2856)، ومسلم رقم (30).

([2])  أخرجه: البخاري رقم (5376)، ومسلم رقم (2022).

([3])  أخرجه: البخاري رقم (5090)، ومسلم رقم (1466).