اللَّهِ،
وَالبُغْضُ فِي اللَّهِ، فَالوَلاَءُ مَأْخُوذٌ مِنْ وَلِيَ الشَّيْءَ: إذَا
قَرُبَ مِنْهُ، وَالمُرَادُ به: التَّقَارُبُ بَيْنَ المُسْلمينَ بِقُلُوبهمْ،
وَتَحَابُّهُمْ فِي اللَّه، وَتَنَاصُرُهُمْ، وَتَعَاضُدُهم للَّه عز وجل، كَمَا
قَالَ تَعَالَى: ﴿إِنَّ
هَٰذِهِۦٓ أُمَّتُكُمۡ أُمَّةٗ وَٰحِدَةٗ وَأَنَا۠ رَبُّكُمۡ فَٱعۡبُدُونِ﴾ [الأنبياء: 92].
وَكَمَا
قَالَ رَسُولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم: «مَثَلُ
المُسْلِمين فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمهِم وَتَعَاطُفِهِمْ كمَثَلِ الْجَسَدِ،
إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالْحُمَّى
وَالسَّهَرِ» ([1]).
وَقَالَ
صلى الله عليه وسلم: «الْمُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِ
كَالْبُنْيَانِ، يَشُدُّ بَعْضُهُ بَعْضًا»، وَشَبَّكَ بَيْنَ أَصَابعِهِ صلى
الله عليه وسلم ([2]).
وَقَالَ
عليه الصلاة والسلام: «لاَ يُؤْمِنُ
أَحَدُكُمْ حَتَّى يُحِبَّ لأَِخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ» ([3]).
فَالوَلاَءُ
مَعْنَاهُ: القُرْبُ وَالتَّقَارُبُ بَيْنَ أَهْلِ الإيمَان بِقُلُوبهمْ، وَهَذَا
هُوَ أَصْلُ الوَلاَء، حَتَّى وَإنْ تَبَاعَدَت الأَبْدَانُ، فَالمُؤْمنُونَ
يَتَحَابُّونَ فِي مَشَارِقِ الأَرْض وَمَغَاربهَا، وَإنْ تَبَاعَدَت دِيَارُهُمْ،
وَنَأَتْ أَقْطَارُهُمْ، وَحَتَّى مَعَ فَارِقِ الزَّمَن، فَأَوَّلُ المُؤْمنينَ
وَآخِرُ المُؤْمنينَ فِي هَذِهِ الحَيَاة يُحبُّ بَعْضُهُم بَعْضًا ﴿رَبَّنَا ٱغۡفِرۡ
لَنَا وَلِإِخۡوَٰنِنَا ٱلَّذِينَ سَبَقُونَا بِٱلۡإِيمَٰنِ وَلَا تَجۡعَلۡ فِي
قُلُوبِنَا غِلّٗا لِّلَّذِينَ ءَامَنُواْ رَبَّنَآ إِنَّكَ رَءُوفٞ رَّحِيمٌ﴾ [الحشر: 10]
فَالإِيمَانُ يَرْبِطُ بَيْنَ المُؤْمنينَ أَوَّلِهِم وَآخِرِهِمْ إلَى أَنْ تَقُومَ السَّاعَةُ، وَيَرْبطُ بَيْنَ المُؤْمنينَ شَرْقِيِّهم وَغَرْبِيِّهم فِي بِقَاعِ الأَرْض أَيْنَمَا كَانُوا؛ لأَنَّهُمْ إِخْوَةٌ، لأَنَّهُم أُمَّةٌ وَاحدَةٌ، لأَنَّهُم جَسَدٌ وَاحدٌ، لأَنَّهُم بُنْيَانٌ يَشُدُّ بَعْضُهُ بَعْضًا.
([1]) أخرجه: البخاري رقم (6011)، ومسلم رقم (2586).