×
محاضرات في العقيدة والدعوة الجزء الأول

القُدْرَةَ عَلَى أَنْ يَصلُوا إلَى أَيِّ مَكَانٍ أَمَرَهم اللَّهُ بالوُصُول إلَيْه، وَلهَذَا نَبَّهنَا فَقَالَ اللَّهُ: ﴿وَإِنَّ عَلَيۡكُمۡ لَحَٰفِظِينَ ١٠كِرَامٗا كَٰتِبِينَ ١١يَعۡلَمُونَ مَا تَفۡعَلُونَ ١٢ [الانفطار: 10- 12]، قَالَهَا اللَّهُ عز وجل لنَتَنَبَّهَ.

وَهَذِهِ ثَمَرَةُ الإيمَانِ بالمَلاَئكَة، أَنَّ الإنْسَانَ يُحَصِّنُ نَفْسَهُ منَ الأَقْوَال وَالأَعْمَال السَّيِّئَة الَّتي تُكْتَبُ عَلَيْه، وَيُحَاسبُ عَنْهَا يَوْمَ القيَامَة.

لا شيء يخفَى على الله تعالى

****

قَالَ عز وجل: ﴿إِن كُلُّ نَفۡسٖ لَّمَّا عَلَيۡهَا حَافِظٞ [الطارق: 4] وَقَالَ تَعَالَى: ﴿وَنَحۡنُ أَقۡرَبُ إِلَيۡهِ مِنۡ حَبۡلِ ٱلۡوَرِيدِ [ق: 16].

أَتَعْلمُونَ مَا الوَريدُ؟ وَريدُ الإنْسَان هُوَ العِرْقُ الَّذي فِي جَانِبِ الرَّقَبَة، يَجْري فِيهِ الدَّمُ، وَاحِدٌ فِي اليَمين، وَوَاحِدٌ فِي اليَسَار فِي جَانِبَيِ الرَّقَبَة، وَفِيهِمَا الدَّمُ الَّذي يُغَذِّي الجِسْمَ.

اللَّهُ يَقُولُ: ﴿وَنَحۡنُ أَقۡرَبُ إِلَيۡهِ مِنۡ حَبۡلِ ٱلۡوَرِيدِ [ق: 16].

كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿هُوَ ٱلۡأَوَّلُ وَٱلۡأٓخِرُ وَٱلظَّٰهِرُ وَٱلۡبَاطِنُۖ وَهُوَ بِكُلِّ شَيۡءٍ عَلِيمٌ [الحديد: 3] قَالَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم فِي تَفْسير ذَلكَ: «أَنْتَ الأَْوَّلُ فَلَيْسَ قَبْلَكَ شَيْءٌ، وَأَنْتَ الآْخِرُ فَلَيْسَ بَعْدَكَ شَيْءٌ، وَأَنْتَ الظَّاهِرُ فَلَيْسَ فَوْقَكَ شَيْءٌ، وَأَنْتَ الْبَاطِنُ فَلَيْسَ دُونَكَ شَيْءٌ» ([1]).

إذًا، لاَ شَيْءَ يَخْفَى عَلَى اللَّهِ عز وجل فِي بَرٍّ أَو بَحْرٍ، فِي قَعْر بَيْتِهِ، فِي صَحْرَاءَ، أَو فِي سُوقٍ، فِي مَسْجِدٍ، فِي المَسْرَح وَمَحَلاَّت اللَّهْو، فِي كُلِّ مَكَانٍ، فِي مَحَلِّ الطَّاعَات وَالمَعَاصي، لاَ يَخْفَى عَلَى اللَّه شَيْءٌ، وَلاَ يُحْجَبُ شَيْءٌ عَنْهُ، لذَلكَ قَالَ صلى الله عليه وسلم لمَّا سَأَلَهُ جِبْريلُ عليه السلام: أَخْبِرْنِي


الشرح

([1])  أخرجه: مسلم رقم (2713).