عَنِ الإِْحْسَانِ.
قَالَ: «الإْحْسَانُ أَنْ تَعْبُدَ اللهَ
كَأَنَّكَ تَرَاهُ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَاكَ» ([1])،
فَإذَا شَعَرَ الإنْسَانُ بأَنَّ مَعَهُ مَلاَئكَةً، وَأَنَّ اللَّهَ يَقُولُ: ﴿وَلَقَدۡ خَلَقۡنَا
ٱلۡإِنسَٰنَ وَنَعۡلَمُ مَا تُوَسۡوِسُ بِهِۦ نَفۡسُهُۥۖ وَنَحۡنُ أَقۡرَبُ إِلَيۡهِ
مِنۡ حَبۡلِ ٱلۡوَرِيدِ ١٦إِذۡ يَتَلَقَّى ٱلۡمُتَلَقِّيَانِ عَنِ ٱلۡيَمِينِ
وَعَنِ ٱلشِّمَالِ قَعِيدٞ ١٧﴾
[ق: 16- 17]، ﴿أَمۡ
يَحۡسَبُونَ أَنَّا لَا نَسۡمَعُ سِرَّهُمۡ وَنَجۡوَىٰهُمۚ بَلَىٰ وَرُسُلُنَا
لَدَيۡهِمۡ يَكۡتُبُونَ﴾
[الزخرف: 80]، وَرُسُلُنَا: المَلاَئكَةُ، فَاللَّهُ يَسْمَعُ السِّرَّ
وَالنَّجْوَى، وَالمَلاَئكَةُ تَكْتُبُ، وَهَذَا من آثَار الإيمَان بالمَلاَئكَة.
تذكر الملائكة من أجل محبتهم
****
وَلَيْسَ
ذِكْرُ المَلاَئكَة من بَابِ العِلْمِ بالشَّيْء فَقَطْ، كَمَا تَقْرَأُ
التَّاريخَ وَغَيْرَهُ، وَإنَّمَا نَذْكُرُ المَلاَئكَةَ من أَجْل أَنْ
نَسْتَعِدَّ وَنَحْذَرَ مِنْ أَنْ يَكْتُبُوا عَلَيْنَا شَيْئًا نُحَاسبُ عَلَيْه
عِنْدَ اللَّه تَعَالَى، بَلْ نَذْكُرُهُمْ من أَجْل مَحَبَّتهم؛ لأَنَّ اللَّهَ
تَعَالَى أَحَبَّهُمْ، وَنَحْنُ نُحبُّهُمْ؛ لأَنَّهُمْ أَبرُّ الخَلْقِ إلَى
اللَّهِ ﴿كِرَامِۢ
بَرَرَةٖ﴾ [عبس: 16].
المُهمُّ
أَنْ نَعْرفَ قَدْرَ المَلاَئكَة وَمَكَانَتَهُم وَنُحِبَّهُمْ؛ لأَنَّ اللَّهَ
يُحبُّهُمْ، أَمَّا مَنْ عَادَى المَلاَئكَةَ، وَأَبْغَضَهُمْ؛ فَإنَّ اللَّهَ
عَدُوٌّ لَهُ، وَمَنْ عَادَاهُ اللَّهُ، فَإنَّهُ لاَ تَقُومُ لَهُ قَائمَةٌ،
وَلاَ يَصْلُحُ لَهُ حَالٌ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿مَن كَانَ عَدُوّٗا لِّلَّهِ وَمَلَٰٓئِكَتِهِۦ
وَرُسُلِهِۦ وَجِبۡرِيلَ وَمِيكَىٰلَ فَإِنَّ ٱللَّهَ عَدُوّٞ لِّلۡكَٰفِرِينَ﴾ [البقرة: 98]، فَمَنْ عَادَاهُم، فَاللَّهُ عَدُوٌّ
لَهُ.
وَأَسْأَلُ
اللَّهَ عز وجل أَنْ يَرْزُقَنَا وَإيَّاكُمُ الإيمَانَ الصَّادقَ، وَالعِلْمَ
النَّافعَ، وَالعَمَلَ الصَّالحَ، وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى نَبيِّنَا مُحَمَّدٍ
وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبه وَسَلَّمَ.
***
([1]) أخرجه: مسلم رقم (8).
الصفحة 18 / 264