×
محاضرات في العقيدة والدعوة الجزء الأول

 قَالَ: أَخْبِرْنِي عَنِ الإِْحْسَانِ. قَالَ: «الإِْحْسَانُ أَنْ تَعْبُدَ اللهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَاكَ» ([1])، فَبَيَّنَ أَنَّ الإحْسَانَ رُكْنٌ وَاحِدٌ، وَهُوَ: أَنْ تَعْبُدَ اللَّهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ، فَإنْ لَمْ تَكُنْ تَرَاهُ فَإنَّهُ يَرَاكَ.

فَهَذِهِ هِيَ مَرَاتبُ الدِّين الثَّلاَث: الإسْلاَمُ ثُمَّ الإيمَانُ ثُمَّ الإحْسَانُ، وَكُلُّ مَرْتَبَةٍ مِنْهَا لَهَا أَرْكَانٌ، وَرُكْنُ الشَّيْءِ: جَانبُهُ الَّذي يَقُومُ عَلَيْه، فَرُكْنُ البَيْتِ هُوَ جَانبُهُ الَّذي يَقُومُ عَلَيْه، فَالإيمَانُ يَقُومُ عَلَى هَذِهِ الأَرْكَان السِّتَّة، فَإذَا سَقَطَ مِنْهَا رُكْنٌ، لَمْ يَكُن الإنْسَانُ مُؤْمنًا به؛ لأَنَّهُ فَقَدَ رُكْنًا مِنْ أَرْكَان الإيمَان.

فَالإيمَانُ لاَ يَقُومُ إلاَّ عَلَى أَرْكَانِهِ، كَمَا لاَ يَقُومُ البُنْيَانُ إلاَّ عَلَى أَرْكَانِهِ، وَهَذِهِ الأَرْكَانُ السِّتَّة مَذْكُورَة فِي القُرْآن الكَرِيمِ، تَارَةً تُذْكَر جَمِيعًا، وَتَارَةً يُذْكَرُ بَعْضُهَا، كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿وَلَٰكِنَّ ٱلۡبِرَّ مَنۡ ءَامَنَ بِٱللَّهِ وَٱلۡيَوۡمِ ٱلۡأٓخِرِ وَٱلۡمَلَٰٓئِكَةِ وَٱلۡكِتَٰبِ وَٱلنَّبِيِّ‍ۧنَ [البقرة: 177]، ذَكَرَ جل وعلا فِي هَذِهِ الآيَة الكَريمَة خَمْسَةَ أَرْكَانٍ مِنْ أَرْكَان الإيمَان، وَقَالَ سبحانه وتعالى: ﴿ءَامَنَ ٱلرَّسُولُ بِمَآ أُنزِلَ إِلَيۡهِ مِن رَّبِّهِۦ وَٱلۡمُؤۡمِنُونَۚ كُلٌّ ءَامَنَ بِٱللَّهِ وَمَلَٰٓئِكَتِهِۦ وَكُتُبِهِۦ وَرُسُلِهِۦ لَا نُفَرِّقُ بَيۡنَ أَحَدٖ مِّن رُّسُلِهِۦۚ [البقرة: 285]، ذَكَرَ منْهَا أَرْبَعَةً، وَتَارَةً يَذْكرُ مِنْهَا اثْنَيْن: الإيمَان باللَّهِ، وَاليَوْم الآخِر، قَالَ جَلَّ شَأْنُهُ: ﴿إِنَّ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَٱلَّذِينَ هَادُواْ وَٱلصَّٰبِ‍ُٔونَ وَٱلنَّصَٰرَىٰ مَنۡ ءَامَنَ بِٱللَّهِ وَٱلۡيَوۡمِ ٱلۡأٓخِرِ [المائدة: 69]، ذَكَرَ فِي هَذِهِ الآيَة رُكْنَيْن: الإيمَان باللَّهِ، وَاليَوْم الآخِر.

وَأَمَّا الإيمَانُ بالقَدَر، فَقَدَ ذكَرهُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿إِنَّا كُلَّ شَيۡءٍ خَلَقۡنَٰهُ بِقَدَرٖ [القمر: 49]، وَفي قَوْلِهِ: ﴿وَخَلَقَ كُلَّ شَيۡءٖ فَقَدَّرَهُۥ تَقۡدِيرٗا [الفرقان: 2].


الشرح

([1])  أخرجه: مسلم رقم (8).