×
محاضرات في العقيدة والدعوة الجزء الأول

فَهَذه مِنْ أَوْصَافِ جِبْريلَ عليه السلام، وَقَوْلُهُ سُبْحَانَهُ: ﴿إِنَّهُۥ لَقَوۡلُ رَسُولٖ كَرِيمٖ [التكوير: 19] أَيْ: القُرْآن كَلاَمُ اللَّهِ سُبْحَانَهُ، وَلَكن نُسِبَ إلَى جِبْريلَ هُنَا؛ لأَنَّهُ هُوَ الَّذي بَلَّغَهُ لمُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم، فَهُوَ مُبَلِّغٌ عَنِ اللَّهِ عز وجل فَقَدْ قَالَهُ لرَسُولنَا مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم مُبلِّغًا عَنِ اللَّه، وَهُوَ كَلاَمُ اللَّه عز وجل، وَالكَلاَمُ إنَّمَا يُضَافُ إلَى مَنْ قَالَهُ مُبْتَدئًا، لاَ لِمَنْ قَالَهُ مُبلِّغًا مُؤدِّيًا، لَكنَّهُ أُضيفَ إلَيْه مِنْ بَابِ البَلاَغ.

رَابعًا: هُنَاكَ مَلاَئكَةٌ مُوَكَّلُونَ بأَعْمَالٍ أُخْرَى:

1- ميكَائيلُ مُوَكَّلٌ بالقِطْرِ الَّذي يَنْزلُ منَ السَّمَاء، يَسُوقُهُ وَيَنْزلُ حَيْثُ أَمَرَهُ سبحانه وتعالى.

2- وَإسْرَافيلُ مُوَكَّلٌ بالنَّفْخِ فِي الصُّورِ عِنْدَمَا يُريدُ اللَّهُ تَعَالَى بَعْثَ الخَلاَئق مِنَ القُبُور، وَتَنْبُتُ الأَجْسَادُ مِنَ القُبُور، تَتَكَامَلُ وَلَم يَبْقَ إلاَّ الرُّوحُ، عِنْدَ ذَلكَ يَنْفُخُ إسْرَافيلُ بأَمْرِ اللَّهِ فِي هَذَا القَرْن، فَتَتَطَايَرُ الأَرْوَاحُ إلَى الأَجْسَادِ الَّتي نَبَتَتْ مِنْ هَذِهِ القُبُور وَقَامَتْ، ثُمَّ يَمْشُونَ حَيْثُ أَمَرَهُمُ اللَّهُ.

قَالَ تَعَالَى: ﴿يَوۡمَ يَخۡرُجُونَ مِنَ ٱلۡأَجۡدَاثِ سِرَاعٗا كَأَنَّهُمۡ إِلَىٰ نُصُبٖ يُوفِضُونَ [المعارج: 43].

وَيَقُولُ جَلَّ مِنْ قَائِلٍ: ﴿خُشَّعًا أَبۡصَٰرُهُمۡ يَخۡرُجُونَ مِنَ ٱلۡأَجۡدَاثِ كَأَنَّهُمۡ جَرَادٞ مُّنتَشِرٞ ٧مُّهۡطِعِينَ إِلَى ٱلدَّاعِۖ يَقُولُ ٱلۡكَٰفِرُونَ هَٰذَا يَوۡمٌ عَسِرٞ ٨ [القمر: 7- 8].

هَؤُلاَء المَلاَئكَةُ الثَّلاَثَةُ مُوَكَّلُونَ بالحَيَاة، فَجِبْريلُ مُوَكَّلٌ بالوَحْي الَّذي به حَيَاةُ القُلُوب، وَمِيكَائيلُ مُوَكَّلٌ بالقَطْرِ الَّذي به حَيَاةُ الأَرْض بَعْدَ مَوْتِهَا، وَإسْرَافيلُ مُوَكَّلٌ بالنَّفْخ فِي الصُّور الَّذِي بِهِ حَيَاةُ الأَجْسَاد، وَلهَذَا كَانَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ فِي الاسْتِفْتَاح إذَا قَامَ مِنَ اللَّيْلِ بَعْدَ أَن يُكَبِّرَ تَكْبيرَةَ الإحْرَامِ: «اللَّهُمَّ رَبَّ جِبْرِيلَ وَمِيكَائِيلَ وَإِسْرَافِيلَ، فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالأَْرْضِ...» ([1]) إلَخْ الدُّعَاء، فَهَؤُلاَء أَعْظَمُ المَلاَئكَة لعِظَمِ أَعْمَالِهِمْ.


الشرح

([1])  أخرجه: مسلم رقم (770).