المحاضرة الثامنة
والأربعون
ظاهرة التبديع والتفسيق والتكفير
وضوابطها
****
·
مقدمة:
بسم الله الرحمن الرحيم
إنَّ
الحَمْدَ لله، نَحْمَدُهُ، وَنَسْتَعينُهُ، وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعوذُ بِاللهِ
مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَسَيِّئَاتِ أَعمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلاَ مُضِلَّ
لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ، فَلاَ هَادِيَ لَهُ.
قَالَ اللهُ تَعالَى: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَقُولُواْ قَوۡلٗا سَدِيدٗا ٧٠يُصۡلِحۡ لَكُمۡ أَعۡمَٰلَكُمۡ وَيَغۡفِرۡ لَكُمۡ ذُنُوبَكُمۡۗ وَمَن يُطِعِ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥ فَقَدۡ فَازَ فَوۡزًا عَظِيمًا ٧١﴾ [الأحزاب: 70- 71]، وَيَقُولُ سُبْحَانَهُ: ﴿وَلَقَدۡ خَلَقۡنَا ٱلۡإِنسَٰنَ وَنَعۡلَمُ مَا تُوَسۡوِسُ بِهِۦ نَفۡسُهُۥۖ وَنَحۡنُ أَقۡرَبُ إِلَيۡهِ مِنۡ حَبۡلِ ٱلۡوَرِيدِ ١٦إِذۡ يَتَلَقَّى ٱلۡمُتَلَقِّيَانِ عَنِ ٱلۡيَمِينِ وَعَنِ ٱلشِّمَالِ قَعِيدٞ ١٧مَّا يَلۡفِظُ مِن قَوۡلٍ إِلَّا لَدَيۡهِ رَقِيبٌ عَتِيدٞ ١٨﴾ [ق: 16- 18] ويقول عز وجل: ﴿إِذۡ تَلَقَّوۡنَهُۥ بِأَلۡسِنَتِكُمۡ وَتَقُولُونَ بِأَفۡوَاهِكُم مَّا لَيۡسَ لَكُم بِهِۦ عِلۡمٞ وَتَحۡسَبُونَهُۥ هَيِّنٗا وَهُوَ عِندَ ٱللَّهِ عَظِيمٞ﴾ [النور: 15] وَيَقُولُ الرَّسُولُ صلى الله عليه وسلم لَمَّا بَيَّنَ لِمُعاذٍ رضي الله عنه أَبْوَابَ الخَيْرِ؛ قَالَ لَهُ: «أَلاَ أَدُلُّكَ علَى مِلاَكِ ذَلِكَ كُلِّهِ؟» قُلْتُ: بَلَى يَا رَسُولَ اللهِ، فَأَخَذَ رَسُولُ الله بِلِسَانِ نَفْسِهِ فَقَالَ: «كُفَّ عَلَيْكَ هَذَا»، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، وَإِنَّا لَمُؤَاخَذُونَ بِمَا نَتَكَلَّمُ بِهِ؟ ! قَالَ: «ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ يَا مُعَاذُ، وَهَلْ يَكُبُّ النَّاسَ فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ - أَوْ قَالَ: عَلَى مَنَاخِرِهِمْ - إِلاَّ حَصَائِدُ أَلْسِنَتِهِمْ؟»([1]).
الصفحة 1 / 439