×
محاضرات في العقيدة والدعوة الجزء الثالث

 المحاضرة الثامنة والثلاثون

 الخلاف بين العلماء وموقف المسلم منه

****

·       بيان فضل العلم والعلماء وذم الجهل وأهله:

بسم الله الرحمن الرحيم

الحَمْدُ للهِ رَبِّ العالَمِينَ، وَالصَّلاةُ وَالسَّلامُ علَى نبيِّنا محمَّد، وعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعينَ؛ أمَّا بَعدُ:

فَإِنَّ اللهَ سبحانه وتعالى نَوَّهَ بِشَأْنِ العلَمَاءِ وَالعلْمِ فِي كِتَابِهِ المُبِينِ فِي آيات كثيرة، وكذلك النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم في سُنَّتِهِ، ممَّا يَدُلُّ علَى عظَمِ مَكَانِ العلْمِ والعلماء، وَحَاجَةِ النَّاس إليهما في كُلِّ زَمَانٍ وَمَكَانٍ؛ فإنَّ الله سبحانه وتعالى نَوَّهَ بِشَأْنِ العلْمِ فِي آَيَاتٍ كَثِيرَةٍ، وَحَثَّ علَى التَّعلُّمِ والتَّفَقُّهِ، وَذَمَّ الَّذِينَ لا يَفْقَهُونَ، وَلا يَتَفَقَّهُونَ، ولا يُبْصِرُونَ فِي آَيَاتٍ كَثِيرَةٍ.

وشبَّههم بالأنعام، بل هُمْ أَضَلُّ سَبِيلاً، وَمَدَحَ العلَمَاءَ، فَقَالَ سبحانه وتعالى: ﴿شَهِدَ ٱللَّهُ أَنَّهُۥ لَآ إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ وَٱلۡمَلَٰٓئِكَةُ وَأُوْلُواْ ٱلۡعِلۡمِ قَآئِمَۢا بِٱلۡقِسۡطِۚ لَآ إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ ٱلۡعَزِيزُ ٱلۡحَكِيمُ [آل عمران: 18].

فَذَكَرَ شَهَادَةَ العلَمَاءِ مَع شَهَادَتِهِ، وَشَهَادَةِ مَلائِكَتِهِ، وَمَا ذَاكَ إِلاَّ لأنَّ عنْدَهُمْ أَهْلِيَّةٌ استحقُّوا بها مِنَ الله هَذِهِ المَكَانَةَ، كما قال الله سبحانه وتعالى: ﴿إِنَّمَا يَخۡشَى ٱللَّهَ مِنۡ عِبَادِهِ ٱلۡعُلَمَٰٓؤُاْۗ [فاطر: 28].

فالعلَمَاءُ هُمْ أَشَدُّ النَّاسِ خَشْيَةً لله؛ لأنَّهم يَعرِفُونَ اللهَ أَكْثَرَ مِنْ غَيْرِهِمْ؛ يَعرِفُونَ جَلالَهُ وَعظَمَتَهُ وَكِبْرَيَاءَهُ وَقُدْرَتَهُ وَفَضْلَهُ وَإِحْسَانَهُ والرَّغْبَةَ لله وَمَحَبَّتَهُ، ولأنَّ مَنْ كَانَ بالله أَعرَفَ، كَانَ مِنْهُ أَخْوَف، بِخِلافِ الَّذين لا يَعلَمُونَ؛ فإنَّهم مِنْ أَبْعدِ النَّاس عن معرفة الله وأسمائه وصفاته،


الشرح