×
محاضرات في العقيدة والدعوة الجزء الثالث

ولذلك هم أضعف النَّاس خَشْيَةً لله عز وجل وكذلك قوله سبحانه وتعالى: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ إِذَا قِيلَ لَكُمۡ تَفَسَّحُواْ فِي ٱلۡمَجَٰلِسِ فَٱفۡسَحُواْ يَفۡسَحِ ٱللَّهُ لَكُمۡۖ وَإِذَا قِيلَ ٱنشُزُواْ فَٱنشُزُواْ يَرۡفَعِ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ مِنكُمۡ وَٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلۡعِلۡمَ دَرَجَٰتٖۚ [المجادلة: 11].

اللهُ سبحانه وتعالى أَمَرَ بِإِفْسَاحِ المَجْلِسِ لأَِهْلِ العلْمِ، ولاسِيَّمَا مَجْلِسُ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم وتقديمهم وتصديرهم؛ لأنَّ اللهَ سبحانه وتعالى رَفَعهُمْ بِعلْمِهِمْ وَإِيمَانِهِمْ، فَقَالَ اللهُ سبحانه وتعالى: ﴿يَرۡفَعِ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ مِنكُمۡ وَٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلۡعِلۡمَ دَرَجَٰتٖۚ [المجادلة: 11].

وهذه الدَّرجات لا يَعلَمُهَا إِلاَّ هو سبحانه وتعالى فَهُوَ رَفَعهُمْ هَذِهِ الدَّرَجَاتِ لِصِفَتَيْنِ، لا مِنْ أَجْلِ أَشْخَاصِهِمْ، وَأَنْسَابِهِمْ، وَأَمْوَالِهِمْ، أو مِنْ أَجْلِ مظهرهم، أو منظرهم، وإنَّما رَفَعهُمْ دَرَجَاتٍ بموجب صِفَتَيْنِ: الإيمان والعلم، فقال تعالى: ﴿يَرۡفَعِ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ مِنكُمۡ وَٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلۡعِلۡمَ دَرَجَٰتٖۚ [المجادلة: 11].

فَكَفَى بِهَذَا شَرَفًا لأَهْلِ العلْمِ العامِلِينَ بِعلْمِهِمْ بِطَاعةِ الله سبحانه وتعالى فإنَّهم أَعلَى الناس منزلة بعد النبيين، وقال تعالى: ﴿قُلۡ هَلۡ يَسۡتَوِي ٱلَّذِينَ يَعۡلَمُونَ وَٱلَّذِينَ لَا يَعۡلَمُونَۗ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُواْ ٱلۡأَلۡبَٰبِ [الزمر: 9].

نَفَى اللهُ سبحانه وتعالى في هذه الآية مساواة الذين لا يعلمون بالعلماء؛ فهم لا يَسْتَوُونَ عنْدَ الله سبحانه وتعالى لأنَّ العلم رَفَعهُم، فبالعلم والإيمان والعمل الصَّالح هُمْ أَرْفَع مِنْ غيرهم، فلا يتساوى مَنْ رَفَعهُ الله وَمَنْ دُونَهُ حتَّى لو كان مِنْ أَهْلِ الإيمان؛ فالمؤمنون لهم فَضْلٌ عظيم، ولكن لا يَسْتَوِي العالم والجاهل منهم، فَذَلِكَ فَضْلُ الله يؤتيه مَنْ يشاء.


الشرح