المحاضرة السابعة
والثلاثون
التحذير من الغلو في الدين وبيان
أنواعه
****
·
مقدمة في
التحذير من الغلو:
بسم الله الرحمن الرحيم
الحَمْدُ
للهِ رَبِّ العالَمِينَ، وَصَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ علَى عبْدِهِ وَرَسُولِهِ
نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ، وَعلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعينَ؛ أَمَّا بَعدُ:
فالمَوْضُوع
مَأْخُوذٌ من قول الرَّسول صلى الله عليه وسلم: «إِيَّاكُمْ وَالْغُلُوَّ؛ فَإِنَّمَا أَهْلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمُ
الْغُلُوُّ» ([1]).
وَسَبَبُ
هذا الحديث أَنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم لَمَّا جاء بِحَصَى الجِمَارِ
الَّذِي يُرِيدُ أَنْ يَرْمِيَ بِهِ جَمْرَةَ العقَبَةِ، إذا هو حَصىً مُتَوَسِّطٌ
ليس بالكبير، ولا بالصَّغير، وإنَّما هو بِقَدْرِ حَصَى الخذف؛ أي الَّذي يُخْذَفُ
على الأصابع، فَنَفَضَهُ صلى الله عليه وسلم بِيَدِهِ الكَرِيمَةِ، ثمَّ قال: «أَمْثَالَ هَؤُلاَءِ فَارْمُوا، وإِيَّاكُمْ
وَالْغُلُوَّ، فَإِنَّمَا أَهْلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمُ الْغُلُوُّ» ([2]).
فَكَانَ هَذَا الحَدِيثُ قَاعدَةً في الدِّين يُرْجَع إليها؛ لأنَّ العبْرَةَ بِعمُومِ اللَّفظ، لا بِخُصُوصِ السَّبَبِ؛ فالله سبحانه وتعالى جَعلَ هذا الدِّين دِينًا سَمْحًا سَهْلاً قَيِّمًا؛ ﴿قُلۡ إِنَّنِي هَدَىٰنِي رَبِّيٓ إِلَىٰ صِرَٰطٖ مُّسۡتَقِيمٖ دِينٗا قِيَمٗا مِّلَّةَ إِبۡرَٰهِيمَ حَنِيفٗاۚ وَمَا كَانَ مِنَ ٱلۡمُشۡرِكِينَ﴾ [الأنعام: 161].
([1]) أخرجه: النسائي رقم (3057)، وابن ماجه رقم (3029)، وأحمد رقم (3248).
الصفحة 1 / 439