المحاضرة التاسعة
والثلاثون
حقيقة التوكل على الله وثمراته وفعل الأسباب
****
·
مقدمة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الحَمْدُ
لله رَبِّ العالمين، وصلَّى الله وسلَّم على عبْدِهِ وَرَسُولِهِ نبيِّنا
مُحَمَّدٍ، وعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعينَ، ومن اهتدى بِهُدَاهُ وَسَارَ على
نَهْجِهِ وَتَمَسَّكَ بِسُنَّتِهِ إلى يَوْمِ الدِّين، وبعد..
فَإِنَّ
التَّوَكُّلَ مِنْ أَعظَمِ أَنْوَاع العبادة؛ قال الله سبحانه وتعالى: ﴿وَعَلَى ٱللَّهِ
فَتَوَكَّلُوٓاْ إِن كُنتُم مُّؤۡمِنِينَ﴾
[المائدة: 23] فَجَعلَ شَرْطَ الإيمان التَّوَكُّلَ على الله سبحانه وتعالى
وَقَالَ سبحانه وتعالى لِنَبِيِّهِ عليه الصلاة والسلام: ﴿فَإِذَا عَزَمۡتَ فَتَوَكَّلۡ عَلَى ٱللَّهِۚ﴾ [آل عمران: 159].
فَأَمَرَ
نَبِيَّهُ صلى الله عليه وسلم أن يَتَوَكَّلَ على الله سبحانه وتعالى وقال: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ
حَسۡبُكَ ٱللَّهُ وَمَنِ ٱتَّبَعَكَ مِنَ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ﴾
[الأنفال: 64]، وقال سبحانه وتعالى: ﴿فَإِذَا بَلَغۡنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمۡسِكُوهُنَّ بِمَعۡرُوفٍ
أَوۡ فَارِقُوهُنَّ بِمَعۡرُوفٖ وَأَشۡهِدُواْ ذَوَيۡ عَدۡلٖ مِّنكُمۡ وَأَقِيمُواْ
ٱلشَّهَٰدَةَ لِلَّهِۚ ذَٰلِكُمۡ يُوعَظُ بِهِۦ مَن كَانَ يُؤۡمِنُ بِٱللَّهِ وَٱلۡيَوۡمِ
ٱلۡأٓخِرِۚ وَمَن يَتَّقِ ٱللَّهَ يَجۡعَل لَّهُۥ مَخۡرَجٗا ٢وَيَرۡزُقۡهُ مِنۡ حَيۡثُ
لَا يَحۡتَسِبُۚ وَمَن يَتَوَكَّلۡ عَلَى ٱللَّهِ فَهُوَ حَسۡبُهُۥٓۚ إِنَّ ٱللَّهَ
بَٰلِغُ أَمۡرِهِۦۚ قَدۡ جَعَلَ ٱللَّهُ لِكُلِّ شَيۡءٖ قَدۡرٗا ٣﴾ [الطلاق: 2- 3].
فَقَرَنَ
التَّوَكُّلَ بالتَّقْوَى، وقال تعالى: ﴿وَٱلَّٰٓـِٔي يَئِسۡنَ مِنَ ٱلۡمَحِيضِ مِن
نِّسَآئِكُمۡ إِنِ ٱرۡتَبۡتُمۡ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَٰثَةُ أَشۡهُرٖ وَٱلَّٰٓـِٔي
لَمۡ يَحِضۡنَۚ وَأُوْلَٰتُ ٱلۡأَحۡمَالِ أَجَلُهُنَّ أَن يَضَعۡنَ حَمۡلَهُنَّۚ
وَمَن يَتَّقِ ٱللَّهَ يَجۡعَل لَّهُۥ مِنۡ أَمۡرِهِۦ يُسۡرٗا ٤ذَٰلِكَ أَمۡرُ ٱللَّهِ
أَنزَلَهُۥٓ إِلَيۡكُمۡۚ وَمَن يَتَّقِ ٱللَّهَ يُكَفِّرۡ عَنۡهُ سَئَِّاتِهِۦ
وَيُعۡظِمۡ لَهُۥٓ أَجۡرًا ٥﴾
[الطلاق: 4- 5] كما قَرَنَ التَّوَكُّلَ بِالعبَادَةِ فِي قَوْلِهِ تَعالَى: ﴿فَٱعۡبُدۡهُ
وَتَوَكَّلۡ عَلَيۡهِۚ﴾
[هود: 123]،
الصفحة 1 / 439