×
محاضرات في العقيدة والدعوة الجزء الثالث

وَأَمَرَ اللهُ بِالتَّوَكُّلِ، وَأَثْنَى على أَهْلِهِ، وَأَخْبَرَ أَنَّهُ يُحِبُّ المُتَوَكِّلِينَ فِي آَيَاتٍ كَثِيرَةٍ، ممَّا يَدُلُّ علَى أَهَمِّيَّةِ التَّوَكُّلِ على الله سبحانه وتعالى.

والتَّوَكُّلُ علَى الله مِنْ أَعمَالِ القُلُوبِ؛ فهو عبَادَةٌ قَلْبِيَّةٌ، فالتَّوكُّل على الله لا يَكُونُ بِالجَوَارِحِ وَالأَعضَاءِ، وإنَّمَا يَكُونُ فِي القَلْبِ؛ مِثْلَ: الخَوْفِ والخَشْيَةِ والرَّغْبَةِ والرَّهْبَةِ والتَّقْوَى، كلُّها أَعمَالٌ قَلْبِيَّةٌ.

وَمَنْزِلَةُ التَّوَكُّلِ كَمَا قَالَ بَعضُ أَهْلِ العلم: التَّوَكُّلُ مِنَ الدِّين بِمَنْزِلَةِ الرَّأْسِ مِنَ الجَسَدِ؛ فالَّذي ليس عنْدَهُ تَوَكُّلٌ لَيْسَ عنْدَهُ دِينٌ؛ كالجَسَدِ الَّذي لَيْسَ لَهُ رَأْسٌ.

وَمَعلُومٌ أَنَّ الجَسَدَ إِذَا فَقَدَ الرَّأْسَ، فَقَدَ الحَيَاةَ، فَكَذَلِكَ الدِّينُ إِذَا فَقَدَ التَّوَكُّلَ، فَقَدَ الصِّحَّةَ، فلا يَكُونُ دِينًا صَحِيحًا.

فالتَّوَكُّلُ علَى الله لَهُ مَقَامٌ عظِيمٌ مِنْ مَقَامَاتِ العبوديَّة لله عز وجل مَيَّزَ عبَادَهُ المؤمنين عنْ غَيْرِهِم؛ فَمَنْ لَمْ يَتَوَكَّلْ على الله أَصْلاً، فإنَّه يَكُونُ كَافِرًا، وَمَنْ تَوَكَّلَ علَى الله وَعلَى غَيْرِهِ يَكُونُ مُشْرِكًا، وَمَنْ تَوَكَّلَ علَى اللهِ وَحْدَهُ، فإنَّه هو المُوَحِّدُ المُؤْمِنُ الَّذي يُحِبُّهُ اللهُ، وَيَرْضَى عمَلَهُ وَقَوْلَهُ؛ لأنَّه بَنَاهُ علَى أَسَاسٍ صَحِيحٍ.

إذًا ما معنى التَّوَكُّلِ الَّذي هذه أهمِّيَّته وهذه مَكَانَتُهُ في الدِّين؟

·       معنى التوكل على الله:

التَّوَكُّلُ على الله معناه: تَفْوِيضُ الأُمُورِ إِلَيْهِ، والاعتِمَادُ علَيْهِ سبحانه وتعالى فِي جَمِيع أُمُورِهِ، وَتَفْوِيضُ الأُمُور إِلَى الله سبحانه وتعالى بحيث لا يَلْتَفِتُ إِلَى غَيْرِهِ.

فالتَّوَكُّلُ على الله يَكُونُ فِي أُمُورِ الاعتِقَادِ، بِحَيْثُ لا يَلْتَفِتُ العبْدُ بِقَلْبِهِ إلى غَيْرِ الله سبحانه وتعالى فيكون دائمًا معتمدًا على الله سبحانه وتعالى مُفَوِّضًا أَمْرَهُ إِلَيْهِ فِي جَمِيع شُئُونِهِ.


الشرح