التوكل حكم الجمع بين فعل الأسباب
والتوكل على الله
**********
يقول السائل: قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لَوْ انَّكُمْ تَتَوَكَّلُونَ عَلَى اللَّهِ حَقَّ
تَوَكُّلِهِ؛ لَرَزَقَكُمْ كَمَا تُرْزَقُ الطَّيْرُ» ([1]) الحديث، متى يكون
السؤال نافعا للمتوكل؟ ومتى يتوكل المسلم حق التوكل؟
التوكل على الله من أعظم أنواع العبادة؛ قال الله تعالى: ﴿قَالَ رَجُلَانِ مِنَ ٱلَّذِينَ يَخَافُونَ أَنۡعَمَ ٱللَّهُ عَلَيۡهِمَا ٱدۡخُلُواْ عَلَيۡهِمُ ٱلۡبَابَ فَإِذَا دَخَلۡتُمُوهُ فَإِنَّكُمۡ غَٰلِبُونَۚ وَعَلَى ٱللَّهِ فَتَوَكَّلُوٓاْ إِن كُنتُم مُّؤۡمِنِينَ﴾ [المائدة: 23]، وقال تعالى: ﴿إِذۡ هَمَّت طَّآئِفَتَانِ مِنكُمۡ أَن تَفۡشَلَا وَٱللَّهُ وَلِيُّهُمَاۗ وَعَلَى ٱللَّهِ فَلۡيَتَوَكَّلِ ٱلۡمُؤۡمِنُونَ﴾ [آل عمران: 122]، وقال تعالى: ﴿وَمَا لَنَآ أَلَّا نَتَوَكَّلَ عَلَى ٱللَّهِ وَقَدۡ هَدَىٰنَا سُبُلَنَاۚ وَلَنَصۡبِرَنَّ عَلَىٰ مَآ ءَاذَيۡتُمُونَاۚ وَعَلَى ٱللَّهِ فَلۡيَتَوَكَّلِ ٱلۡمُتَوَكِّلُونَ﴾ [إبراهيم: 12]، فالتوكل نوع من أنواع العبادة، ومعناه: الاعتماد على الله عز وجل، وتفويض الأمور إليه، مع اتخاذ الأسباب النافعة فلا تتوكل على الله، وتعطل الأسباب النافعة؛ بل تجمع بين الأمرين؛ تجمع بين فِعْل الأسباب النافعة، وتتوكل على الله سبحانه وتعالى، وهذا يشير إليه الحديث الذي ذكرته: «لَوْ انَّكُمْ تَتَوَكَّلُونَ عَلَى اللَّهِ حَقَّ تَوَكُّلِهِ؛ لَرَزَقَكُمْ كَمَا تُرْزَقُ الطَّيْرُ، تَغْدُو خِمَاصًا، وَتَرُوحُ بِطَانًا». انظر إلى قوله: «تَغْدُو» فيه أن الطير تفعل الأسباب، لا تبقى في أوكارها ليأتيها رزقها في أوكارها؛ بل إنها تذهب وتطلب الرزق، فهي تفعل الأسباب التي ألهمها الله سبحانه وتعالى.
([1]) أخرجه: الترمذي رقم (2344)، وابن ماجه رقم (4164)، وأحمد رقم (205).