وقال النبي صلى الله عليه وسلم للصحابة رضي الله عنهم لما طلبوا منه
الوصية: «أُوصِيكُمْ بِتَقْوَى اللَّهِ
وَالسَّمْعِ وَالطَّاعَةِ وَإنْ تَأَمَّرَ عَلَيْكُمْ عَبْدٌ؛ فَإِنَّهُ مَنْ
يَعِشْ مِنْكُمْ فَسَيَرَى اخْتِلاَفًا كَثِيرًا» ([1]).
والله جل وعلا أمر
بطاعة ولاة أمور المسلمين، قال النبي صلى الله عليه وسلم: «قَدْ تَرَكْتُكُمْ عَلَى الْبَيْضَاءِ لَيْلُهَا كَنَهَارِهَا، لاَ
يَزِيغُ عَنْهَا بَعْدِي إِلاَّ هَالِكٌ، وَمَنْ يَعِشْ مِنْكُمْ، فَسَيَرَى
اخْتِلاَفًا كَثِيرًا، فَعَلَيْكُمْ بِمَا عَرَفْتُمْ مِنْ سُنَّتِي وَسُنَّةِ
الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ عَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ،
وَعَلَيْكُمْ بِالطَّاعَةِ، وَإنْ عَبْدًا حَبَشِيًّا، فَإِنَّمَا الْمُؤْمِنُ
كَالْجَمَلِ الأْنِفِ حَيْثُمَا قِيدَ انْقَادَ» ([2])، قال لحذيفة لما
أخبره عن الفتن، قال: فَمَا تَأْمُرُنِي يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنْ أَدْرَكَنِي
ذَلِكَ؟ قَالَ: «تَلْزَمُ جَمَاعَةَ
المُسْلِمِينَ وَإِمَامَهُمْ»، قَالَ: فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ جَمَاعَةٌ
وَلاَ إِمَامٌ؟ قَالَ: «فَاعْتَزِلْ
تِلْكَ الْفِرَقَ كُلَّهَا، وَلَوْ أنْ تَعَضَّ عَلَى أصْلِ شَجَرَةٍ حَتَّى
يَأْتِيكَ الْمَوْتُ وَأنْتَ عَلَى ذَلِكَ» ([3])
فهذا هو الذي أوصى به الله ورسوله، عند حدوث الفتن؛ لزوم جماعة المسلمين، فإن لم يكن لهم جماعة ولا إمام، -ولا حول ولا قوة إلاَّ بالله-، فالاعتزال والبعد عن الفتن؛ لئلا تصيبه. فينجو بنفسه.
([1]) أخرجه: أبو داود رقم (4607)، وابن ماجه رقم (42)، والترمذي رقم (2676)، وأحمد رقم (17144).