لا شك أن المسلمين اليوم -كما هو معلومٌ- في بحر
من الفتن شرقًا وغربًا، والكفار يوقدونها، ويريدون القضاء على الإسلام؛ لأن أعدى
عدو لهم هو الإسلام منذ بعثة النبي صلى الله عليه وسلم، فيريدون القضاء عليه
والتخلص منه، ولكنهم ما استطاعوا ولن يستطيعوا بحول الله، قال الله -سبحانه-: ﴿يُرِيدُونَ
أَن يُطۡفُِٔواْ نُورَ ٱللَّهِ بِأَفۡوَٰهِهِمۡ وَيَأۡبَى ٱللَّهُ إِلَّآ أَن
يُتِمَّ نُورَهُۥ وَلَوۡ كَرِهَ ٱلۡكَٰفِرُونَ﴾ [التوبة: 32]، فهذا وعد من الله سبحانه، أنه يريد
جل وعلا أن يتم نوره، وأنه لا يطفئه حقد حاقد، ولا مكر كافر أو كيد منافق، وقد
تحقق وعد الله سبحانه وتعالى منذ بعثة الرسول صلى الله عليه وسلم مع ما يقومون به
من محاولات، وما ينفقون من أموال، والله جل وعلا يردُّ كيدهم في نحورهم، قال
تعالى: ﴿إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ يُنفِقُونَ أَمۡوَٰلَهُمۡ لِيَصُدُّواْ عَن
سَبِيلِ ٱللَّهِۚ فَسَيُنفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيۡهِمۡ حَسۡرَةٗ ثُمَّ
يُغۡلَبُونَۗ وَٱلَّذِينَ كَفَرُوٓاْ إِلَىٰ جَهَنَّمَ يُحۡشَرُونَ﴾ [الأنفال: 36]، فالله
جل وعلا ناصرٌ دينه على الرغم من محاولات أعداء الله ورسوله القضاء على هذا الدين،
وصد الناس عنه، لن يستطيع وإنما الكافر أتعب نفسه وينفق أمواله ويبوء بالخسران،
هذا وعد الله سبحانه وتعالى، فالمسلم لا يتضعضع من أذى الكفار ومضايقاتهم لأنه على
حق، فهو يصبر، والله جل وعلا مع الصابرين، وكل ما يعرض له فهو من باب الامتحان
والابتلاء والاختبار، قال تعالى: ﴿أَحَسِبَ ٱلنَّاسُ أَن يُتۡرَكُوٓاْ أَن يَقُولُوٓاْ ءَامَنَّا
وَهُمۡ لَا يُفۡتَنُونَ ٢وَلَقَدۡ فَتَنَّا ٱلَّذِينَ مِن قَبۡلِهِمۡۖ فَلَيَعۡلَمَنَّ
ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ صَدَقُواْ وَلَيَعۡلَمَنَّ ٱلۡكَٰذِبِينَ ٣﴾ [العنكبوت: 2- 3]،
فهذه الفتن فيها خير؛ لأنها تُميز بين الكفر والإيمان وتبين أهل النفاق والمخادعات
وتكشف حقيقتهم، فلا يغتر بهم، بل يُحْذَر منهم، هذه حكمة الله سبحانه وتعالى، قال
تعالى: ﴿وَلِيُمَحِّصَ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَيَمۡحَقَ ٱلۡكَٰفِرِينَ﴾ [آل عمران: 141]،