ويدعون إليها، فتبين
أمرهم، وتلك حكمة الله سبحانه وتعالى، قال تعالى: ﴿مَّا
كَانَ ٱللَّهُ لِيَذَرَ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ عَلَىٰ مَآ أَنتُمۡ عَلَيۡهِ حَتَّىٰ
يَمِيزَ ٱلۡخَبِيثَ مِنَ ٱلطَّيِّبِۗ وَمَا كَانَ ٱللَّهُ لِيُطۡلِعَكُمۡ عَلَى ٱلۡغَيۡبِ﴾ [آل عمران: 179].
نحن لا نعرف حقيقة
هؤلاء إلا عند الفتن؛ حيث يظهر ما عندهم، هذه حكمة الله في أن يُبيِّنهم، ويكشف
خفاياهم حتى يكون المسلمون على بصيرة، ولا ينخدعوا بكل من ادعى أنه يدعو إلى الله،
وليس منهجه منهج رسول الله صلى الله عليه وسلم، أي على الكتاب والسنة، كما هو حال
الداعية إلى الله جل وعلا على بصيرة... فلله الحمد والمنة كم كشفت هذه الحوادث من
أسرار وأستار كان يتخفى تحتها من يخدع الناس، فبانت حقيقته، وتبين منهم أهل الصبر وأهل
الثبات وأهل العلم، فهذه حكمة إلهيَّة، وكذلك سائر الفتن، وأن الله جل وعلا يجريها
لحكمة عظيمة.
لما جاءت الأحزاب إلى المدينة بقيادة قريش من كل القبائل؛ جاءوا يريدون القضاء على الإسلام، فحاصروا المدينة النبوية، وحفر المسلمون خندقًا بينهم وبين الأعداء فنفع الله به، ومنع خيلهم ومنع دخولهم، وصار كالحصن للمسلمين، ولكن خان اليهود الذين كانوا عاهدوا رسول الله صلى الله عليه وسلم على الدفاع عن المدينة، وانضموا إلى المشر كين، وخان المنافقون أيضًا فتبين نفاقهم، قال الله جل وعلا في وصف هذا: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱذۡكُرُواْ نِعۡمَةَ ٱللَّهِ عَلَيۡكُمۡ إِذۡ جَآءَتۡكُمۡ جُنُودٞ فَأَرۡسَلۡنَا عَلَيۡهِمۡ رِيحٗا وَجُنُودٗا لَّمۡ تَرَوۡهَاۚ وَكَانَ ٱللَّهُ بِمَا تَعۡمَلُونَ بَصِيرًا ٩إِذۡ جَآءُوكُم مِّن فَوۡقِكُمۡ وَمِنۡ أَسۡفَلَ مِنكُمۡ وَإِذۡ زَاغَتِ ٱلۡأَبۡصَٰرُ وَبَلَغَتِ ٱلۡقُلُوبُ ٱلۡحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِٱللَّهِ ٱلظُّنُونَا۠ ١٠﴾ [الأحزاب: 9- 10]، المشركون من الخارج، واليهود من الداخل،