ومع إقرارهم بتوحيد الربوبية لما قال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: «قُولُوا: لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ» ([1])، قالوا: ﴿أَجَعَلَ ٱلۡأٓلِهَةَ إِلَٰهٗا
وَٰحِدًاۖ إِنَّ هَٰذَا لَشَيۡءٌ عُجَابٞ ٥وَٱنطَلَقَ ٱلۡمَلَأُ مِنۡهُمۡ أَنِ ٱمۡشُواْ
وَٱصۡبِرُواْ عَلَىٰٓ ءَالِهَتِكُمۡۖ إِنَّ هَٰذَا لَشَيۡءٞ يُرَادُ ٦مَا سَمِعۡنَا
بِهَٰذَا فِي ٱلۡمِلَّةِ ٱلۡأٓخِرَةِ إِنۡ هَٰذَآ إِلَّا ٱخۡتِلَٰقٌ ٧﴾ [ص: 5- 7]، يعني:
كذب.
يتهمون الرسول صلى
الله عليه وسلم بالكذب لما دعاهم إلى توحيد الألوهية ﴿أَءُنزِلَ
عَلَيۡهِ ٱلذِّكۡرُ مِنۢ بَيۡنِنَاۚ بَلۡ هُمۡ فِي شَكّٖ مِّن ذِكۡرِيۚ بَل
لَّمَّا يَذُوقُواْ عَذَابِ﴾ [ص: 8]، وقال تعالى في الآية الأخرى: ﴿إِنَّهُمۡ كَانُوٓاْ إِذَا قِيلَ
لَهُمۡ لَآ إِلَٰهَ إِلَّا ٱللَّهُ يَسۡتَكۡبِرُونَ ٣٥وَيَقُولُونَ أَئِنَّا
لَتَارِكُوٓاْ ءَالِهَتِنَا لِشَاعِرٖ مَّجۡنُونِۢ ٣٦بَلۡ جَآءَ بِٱلۡحَقِّ
وَصَدَّقَ ٱلۡمُرۡسَلِينَ ٣٧﴾ [الصافات: 35- 37]، المرسلون كلهم يدعون إلى لا إله إلا
الله، وخاتمهم وإمامهم وأفضلهم محمد صلى الله عليه وسلم وصدقهم بموافقته لهم ودعا
إلى التوحيد: ﴿بَلۡ جَآءَ بِٱلۡحَقِّ
وَصَدَّقَ ٱلۡمُرۡسَلِينَ﴾ أي المرسلين الذين من قبله؛ لأنهم كلهم دعوا إلى عبادة
الله وحده لا شريك له.
لو كان يكفي أن
يقروا بأن الله هو الخالق الرازق لما قال لهم: «قولوا: لا إله إلا الله»، لو كان معنى لا إله إلا الله هو الإقرار
بالخالق الرازق لما قال لهم: «قولوا: لا
إله إلا الله»، فدل على أنه لا بد من إفراد الله تعالى بالعبادة، قال تعالى:
﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ ٱعۡبُدُواْ رَبَّكُمُ ٱلَّذِي خَلَقَكُمۡ وَٱلَّذِينَ مِن قَبۡلِكُمۡ لَعَلَّكُمۡ تَتَّقُونَ ٢١ٱلَّذِي جَعَلَ لَكُمُ ٱلۡأَرۡضَ فِرَٰشٗا وَٱلسَّمَآءَ بِنَآءٗ وَأَنزَلَ مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءٗ فَأَخۡرَجَ بِهِۦ مِنَ ٱلثَّمَرَٰتِ رِزۡقٗا لَّكُمۡۖ فَلَا تَجۡعَلُواْ لِلَّهِ أَندَادٗا وَأَنتُمۡ تَعۡلَمُونَ ٢٢﴾ يقرون بهذا كله ﴿وَأَنزَلَ مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءٗ فَأَخۡرَجَ بِهِۦ مِنَ ٱلثَّمَرَٰتِ رِزۡقٗا لَّكُمۡۖ فَلَا تَجۡعَلُواْ لِلَّهِ أَندَادٗا وَأَنتُمۡ تَعۡلَمُونَ﴾ [البقرة: 21- 22]، لا تجعلوا لله شركاء في العبادة وأنتم تعلمون أنه لا خالق
([1]) أخرجه: أحمد رقم (16603)، وابن خزيمة رقم (159)، وابن حبان رقم (6562).