وعظ النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه موعظة بليغة ذرفت منها العيون، ووجلت
منها القلوب، حتى قالوا له: يا رسول الله، كأنها موعظة مودع، أي: فهموا أن أجل
الرسول صلى الله عليه وسلم قد قرب، فطلبوا منه الوصية: قال: «أَوصِيكُمْ بِتَقْوَى الله وَالسَّمْعِ والطَّاعَةِ وَإِنْ عَبْدًا
حَبَشِيًّا؛ فَإِنَّهُ مَنْ يَعِشْ مِنْكُمْ بَعْدِي فَسَيَرَى اخْتِلاََفًا
كَثيِرًا، فَعَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الْمَهْدِيِّينَ
الرَّاشِدِينَ، تَمَسَّكُوا بِهَا وَعَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ،
وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الأُمُورِ فَإِنَّ كُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ وَكُلَّ
بِدْعَةٍ ضَلاَلَةُ» ([1])، «وَكُلَّ ضَلاَلَةٍ فِي النَّار» ([2]).
وكان صلى الله عليه
وسلم يقول في خطبه: «إِنَّ أَصْدَقَ
الْحَدِيثِ كِتَابُ اللهِ، وَإِنَّ أَفْضَلَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ، وَشَرَّ
الأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلاَلَةٌ» ([3]).
هكذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يوصي الناس بالتمسك بكتاب الله، وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويحذرهم من البدع والمحدثات، والله تعالى أنزل علينا وفرض علينا قراءة سورة الفاتحة في كل ركعة من صلواتنا، وفي آخرها: ﴿ٱهۡدِنَا ٱلصِّرَٰطَ ٱلۡمُسۡتَقِيمَ ٦صِرَٰطَ ٱلَّذِينَ أَنۡعَمۡتَ عَلَيۡهِمۡ غَيۡرِ ٱلۡمَغۡضُوبِ عَلَيۡهِمۡ وَلَا ٱلضَّآلِّينَ ٧﴾ [الفاتحة: 6، 7]، الذين أنعم عليهم هم أهل العلم النافع والعمل الصالح، أهل التوحيد والاقتداء والاتباع، ﴿وَمَن يُطِعِ ٱللَّهَ وَٱلرَّسُولَ فَأُوْلَٰٓئِكَ مَعَ ٱلَّذِينَ أَنۡعَمَ ٱللَّهُ عَلَيۡهِم مِّنَ ٱلنَّبِيِّۧنَ وَٱلصِّدِّيقِينَ وَٱلشُّهَدَآءِ وَٱلصَّٰلِحِينَۚ وَحَسُنَ أُوْلَٰٓئِكَ رَفِيقٗا﴾ [النساء: 69].
([1]) أخرجه: أبو داود رقم (4609)، والترمذي رقم (2676)، وابن ماجه رقم (43)، وأحمد رقم (17142).