×
محاضرات في العقيدة والدعوة الجزء الرابع

 ﴿صِرَٰطَ ٱلَّذِينَ أَنۡعَمۡتَ عَلَيۡهِمۡ [الفاتحة: 7] أي: ﴿مِّنَ ٱلنَّبِيِّ‍ۧنَ وَٱلصِّدِّيقِينَ وَٱلشُّهَدَآءِ وَٱلصَّٰلِحِينَۚ وَحَسُنَ أُوْلَٰٓئِكَ رَفِيقٗا [النساء: 69]، ﴿غَيۡرِ ٱلۡمَغۡضُوبِ عَلَيۡهِمۡ [الفاتحة: 7] من هم المغضوب عليهم؟ هم العلماء الذين يدعون الناس إلى الضلال، والذين لا يعملون بعلمهم يعرفون الحق ويدعون إلى خلافه؛ لهوى في نفوسهم، أو لأطماع يحصلون عليها، أو رئاسات يتبوؤونها، ويدعون الناس إلى غير ما يعلمون، من أجل أن يترأسوا عليهم، ومن أجل أن يتأكلوا منهم، ومن أجل أن يضلوهم عن سواء السبيل.

فالمغضوب عليهم كل من كان عنده علم ولكنه يخالفه ولا يعمل به، وفي طليعتهم اليهود، فإن اليهود عندهم علم: ﴿ٱلَّذِينَ ءَاتَيۡنَٰهُمُ ٱلۡكِتَٰبَ يَعۡرِفُونَهُۥ [البقرة: 146] -يعني محمدًا صلى الله عليه وسلم -، ﴿كَمَا يَعۡرِفُونَ أَبۡنَآءَهُمۡۖ وَإِنَّ فَرِيقٗا مِّنۡهُمۡ لَيَكۡتُمُونَ ٱلۡحَقَّ وَهُمۡ يَعۡلَمُونَ [البقرة: 146]، فاليهود يعلمون، ولكنهم لا يعملون بعلمهم، فهم مغضوب عليهم، وكذلك مثلهم من هذه الأمة كل عالم يخالف علمه، ولا يعمل به، ولا يفتي بالحق، ولا يقول الحق، ولا يدعو إلى التوحيد، ولا يحذر الناس من الشرك.

﴿وَلَا ٱلضَّآلِّينَ: الضالّون هم الجهال الذين يعبدون الله على جهل وعلى غير دليل بالبدع والخرافات والمحدثات التي ما أنزل الله بها من سلطان، فكل مخرف، وكل مبتدع، وكل محدث في الدين ما ليس منه، فهو داخل في الضالين؛ ولهذا يقول عبد الله بن المبارك رحمه الله: «من فسد من علمائنا ففيه شبه من اليهود، ومن فسد من عبادنا ففيه شبه من النصارى»، ومصداق هذا في الآية: ﴿غَيۡرِ ٱلۡمَغۡضُوبِ عَلَيۡهِمۡ وَلَا ٱلضَّآلِّينَ [الفاتحة: 7].


الشرح