أو أن يطلقها، فاختارت أن
تبقى لتنال شرف كونها أم المؤمنين وتبقى زوجة للرسول صلى الله عليه وسلم، ولم تكره
النبي صلى الله عليه وسلم على شيء لم يرغبه، فتنازلت رضي الله عنها عن حقها،
فتركها النبي صلى الله عليه وسلم في عصمته؛ لتنال شرف أم المؤمنين.
قوله: ﴿وَإِنِ ٱمۡرَأَةٌ خَافَتۡ
مِنۢ بَعۡلِهَا نُشُوزًا أَوۡ إِعۡرَاضٗا فَلَا جُنَاحَ عَلَيۡهِمَآ﴾ [النساء: 128] أي:
على الزوجين، ﴿أَن يُصۡلِحَا
بَيۡنَهُمَا صُلۡحٗاۚ﴾، بدون أن يتدخل أحد، كما حصل بين النبي صلى الله عليه
وسلم وبين سودة، فالنبي خيرها وهي اختارت البقاء ووهبت يومها لعائشة رضي الله عنها،
وبقيت في عصمته صلى الله عليه وسلم.
﴿فَلَا
جُنَاحَ﴾ أي: لا حرج بين الزوجين أن يصلحا بينهما بما يريانه.
﴿وَٱلصُّلۡحُ
خَيۡرٞۗ وَأُحۡضِرَتِ ٱلۡأَنفُسُ ٱلشُّحَّۚ وَإِن تُحۡسِنُواْ وَتَتَّقُواْ
فَإِنَّ ٱللَّهَ كَانَ بِمَا تَعۡمَلُونَ خَبِيرٗا﴾، هذا إذا كان
النشوز من قبل الزوج السبب في المرأة ككبر سنها، أو ما أشبه ذلك، وبقاؤها في
الزوجية إذا كان لها أولاد تبقى معهم أحسن لها من الفراق، ولها أن تبذل له شيء من
حقها، مثلما بذلت سودة للرسول صلى الله عليه وسلم.
﴿وَٱلصُّلۡحُ
خَيۡرٞۗ﴾ أي: الصلح بين المسلمين عمومًا فيه خير، والصلح بين
الزوجين بصفة خاصة؛ فيه خير أكثر.
﴿وَأُحۡضِرَتِ
ٱلۡأَنفُسُ ٱلشُّحَّۚ﴾ أي: الأنفس لا تريد أن تسمح بشيء، ولكن لتترك الشح
وتتنازل عن شيء من حقوقها لأجل بقاء الزوجية، فإن ذلك أحسن من الفراق.
وقد قال جل وعلا: ﴿وَلَن تَسۡتَطِيعُوٓاْ أَن
تَعۡدِلُواْ بَيۡنَ ٱلنِّسَآءِ وَلَوۡ حَرَصۡتُمۡۖ فَلَا تَمِيلُواْ كُلَّ ٱلۡمَيۡلِ﴾ [النساء: 129] في
أول السورة لما ذكر التعدد:
﴿فَٱنكِحُواْ مَا طَابَ لَكُم مِّنَ ٱلنِّسَآءِ مَثۡنَىٰ وَثُلَٰثَ وَرُبَٰعَۖ فَإِنۡ خِفۡتُمۡ أَلَّا تَعۡدِلُواْ فَوَٰحِدَةً﴾ [النساء: 3]،