×
محاضرات في العقيدة والدعوة الجزء الرابع

﴿إِنْ يُرِيدَا يعني: الحكمين.

﴿إِصۡلَٰحٗا يُوَفِّقِ ٱللَّهُ بَيۡنَهُمَآۗ، إن كان نية الحكمين الإصلاح، لا هوى عندهما، ولا كل واحد ينتصر لرفيقه، فلا الذي من قبل المرأة يميل معها ويحيف، ولا الذي من قبل الزوج يميل معه، ﴿إِن يُرِيدَآ إِصۡلَٰحٗا يُوَفِّقِ ٱللَّهُ بَيۡنَهُمَآۗ، فدل على أنه إذا لم تصلح نية الحكمين أو لم تصلح نية أحدهما؛ فلابد أن تكون نيتهما حسنة شأن المصلح، فالمصلح لا يميل مع طرف دون الآخر، بين الزوجين وغير الزوجين، فالنشوز بين الاثنين يعالج بالحكمين، والحكمان ينظران في المشكلة ويحاولان الإصلاح ما استطاعا، وإن رأيا التفريق بينهما وأنهما لا يمكن أن يجتمعا؛ فيفرقان بينهما، وينفذ حكمهما، وهذا ما يسمى الآن بتشكيل لجنة، وهما الحكمان اللذان أمر الله ببعثهما.

الحالة الثالثة: إذا كان النشوز من الزوج فقط:

قال تعالى: ﴿وَإِنِ ٱمۡرَأَةٌ خَافَتۡ مِنۢ بَعۡلِهَا نُشُوزًا أَوۡ إِعۡرَاضٗا [النساء: 128]، فإذا كان الزوج لا يرغب في زوجته ولا يحبها ويضيع حقوقها ويؤثر عليها غيرها، فإنه يعد ناشا، وله حينئذ حالتان:

الأولى: إن كان يمكن أن يصلح بينهما، فذلك مطلوب حفاظًا على بقاء الزوجية.

الثانية: إذا لم يمكن أن يصلح بينهما، فيقول تعالى: ﴿وَإِن يَتَفَرَّقَا يُغۡنِ ٱللَّهُ كُلّٗا مِّن سَعَتِهِۦۚ وَكَانَ ٱللَّهُ وَٰسِعًا حَكِيمٗا [النساء: 130].

وسبب نزول هذه الآية: أن زوجة النبي صلى الله عليه وسلم سودة بنت زمعة كبرت في السن، فكان النبي صلى الله عليه وسلم لا يرغب في عشرتها لكبر سنها، فأحست بذلك فخيرها النبي صلى الله عليه وسلم بين أن تبقى معه وليس لها حق المبيت،


الشرح