×
محاضرات في العقيدة والدعوة الجزء الرابع

 يعني: فلا يجوز التعدد إلا بشرط العدل بين الزوجات، وأما إذا لم يكن هناك عدل فلا يجوز التعدد، فيكتفي بواحدة، ﴿أَوۡ مَا مَلَكَتۡ أَيۡمَٰنُكُمۡۚ، وهنا قال: ﴿وَلَن تَسۡتَطِيعُوٓاْ أَن تَعۡدِلُواْ [النساء: 129] فإن قيل: كيف أن الله في أول السورة شرط العدل، وفي آخر السورة أخبر أنه لا يستطاع، فهل هذا تعارض بين الآيات؟.

والجواب: حاشا وكلا، كلام الله جل وعلا لا يتعارض، فهناك عدل ممكن وباستطاعة الزوج، وعدل غير ممكن وليس باستطاعة الزوج، فالعدل الممكن يجب عليه أن يقوم به، وهو العدل في النفقة والكسوة والمسكن والمبيت، وهو شرط لجواز التعدد، وأما العدل غير الممكن فهو الحب في القلب، فالإنسان لا يملك قلبه ولا يتحكم في ميله القلبي، وبالتالي تتفاوت درجات الميل القلبي من زوجة الأخرى، ليس هناك شك أن تكون زوجة أقرب إليه في قلبه من الأخريات، ولذلك قال سبحانه: ﴿وَلَن تَسۡتَطِيعُوٓاْ أَن تَعۡدِلُواْ بَيۡنَ ٱلنِّسَآءِيعني: في المحبة؛ لأن القلوب بيد الله سبحانه، ولكن لا تمل مع التي تحبها، وتحيف معها في الحقوق: كالكسوة، والمبيت، والنفقة، والسكنى، أما العدل في المحبة فأنت لا تستطيعه، فلا تستطيع أن تحب نساءك على حد سواء أبدًا، ولا تؤاخذ على ذلك، ولكن لا تحيف في معاملتهن، واعدل بينهن العدل الذي تستطيعه، وهو العدل الذي في أول السورة: ليست مطلقة، ولا ذات زوج، أي: لا تترك الزوجة التي لا تحبها كثيرًا معلقة، بل حِلَّ مشكلتها، ولا تَحِف مع الثانية عليها، وتعطيها أكثر من حقها، ﴿وَإِن تُصۡلِحُواْ وَتَتَّقُواْ فَإِنَّ ٱللَّهَ كَانَ غَفُورٗا رَّحِيمٗا [النساء: 129]، فالذي تستطيعونه هو الواجب عليكم، والذي لا تستطيعونه الله يغفر ويرحم.


الشرح