×
محاضرات في العقيدة والدعوة الجزء الرابع

ثم قال: ﴿وَإِن يَتَفَرَّقَا يُغۡنِ ٱللَّهُ كُلّٗا مِّن سَعَتِهِۦۚ وَكَانَ ٱللَّهُ وَٰسِعًا حَكِيمٗا [النساء: 130]، هذه هي المرحلة الأخيرة عند الشقاق إذا لم يمكن إصلاح النشوز حال كونه منها أو منه أو منهما، فلابد من الطلاق، فلا يجوز له أن يحبسها مهانة مهضومة الحقوق، ﴿وَإِن يَتَفَرَّقَا يعني: بالطلاق، أو بأن تختلع منه، ولكن الخلع لا يجوز إلا إذا كانت كارهة له، ولا ترغب في عشرته، فلها أن تفتدي نفسها.

أما إذا كانت ترغب فيه، ولكنه لا يرغب في عشرتها، فلا يجوز له أن يجبرها على الخلع، بل يطلقها، فالخلع إنما يكون إذا كان الأمر منها، ﴿فَإِنۡ خِفۡتُمۡ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ ٱللَّهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيۡهِمَا فِيمَا ٱفۡتَدَتۡ بِهِۦۗ [البقرة: 229]، فتعطيه مالاً ويفارقها، أما إذا كان هو الذي لا يريدها؛ فيجب عليه أن يمسكها ويعدل، أو أن يطلقها ولا يأخذ منها شيء، قال تعالى: ﴿وَلَا تَعۡضُلُوهُنَّ لِتَذۡهَبُواْ بِبَعۡضِ مَآ ءَاتَيۡتُمُوهُنَّ إِلَّآ أَن يَأۡتِينَ بِفَٰحِشَةٖ مُّبَيِّنَةٖۚ [النساء: 19] ولا يذرها كالمعلقة لأن ذلك ظلم، ﴿وَإِن يَتَفَرَّقَا يُغۡنِ ٱللَّهُ كُلّٗا مِّن سَعَتِهِۦۚ [النساء: 130]، فربما يرزقه الله زوجةً يرغب فيها، ويرزقها زوجًا ترغب فيه، وكم حصل ذلك والحمد لله.

فانظر كيف يعالج الإسلام المشاكل الزوجية، ولا يرضى أن يبقى بين الزوجين شقاق أو خلاف؛ لأن ذلك يكدر العشرةويؤثر على الأولاد، ﴿وَإِن يَتَفَرَّقَا يُغۡنِ ٱللَّهُ كُلّٗا مِّن سَعَتِهِۦۚ، ﴿وَكَانَ ٱللَّهُ وَٰسِعًا حَكِيمٗا [النساء: 130]، واسع الخير، واسع العطاء، واسع الفضل سبحانه وتعالى، فهو من سعته يغني كلا من الزوجين المتفرقين للذين لم تصلح العشرة بينهما، ولم تستمر الزوجية بينهما، فكل واحد يرزقه الله عِوضًا عن الآخر خيرًا منه، من فضله وإحسانه سبحانه وتعالى.


الشرح