×
محاضرات في العقيدة والدعوة الجزء الرابع

وقد تزول تلك الكراهة مع البيران، وطول العشرة فلا يستعجل، ولذلك قال صلى الله عليه وسلم: «لاَ يَفْرَكْ مُؤْمِنٌ مُؤْمِنَةً» يعني: لا يبغض أو يكره المؤمن زوجته المؤمنة، «إِنْ كَرِهَ مِنْهَا خُلُقًا رَضِيَ مِنْهَا آخَرَ» ([1])، فينظر إلى ما فيها من الخير والصلاح والاستقامة، ولا ينظر إلى المساوي فقط، وإنما ينظر إلى المحاسن، ويصبر على ما فيها من نقص، فالمرأة معلوم أنها امرأة، والنبي صلى الله عليه وسلم قال: «إِنَّ الْمَرْأَةَ خُلِقَتْ مِنْ ضِلَعٍ»، يعني: من ضلع آدم عليه السلام، «لَنْ تَسْتَقِيمَ لَكَ عَلَى طَرِيقَةٍ، فَإِنَِ اسْتَمْتَعْتَ بِهَا اسْتَمْتَعْتَ بِهَا وَبِهَا عِوَجٌ، وَإِنْ ذَهَبْتَ تُقِيمُهَا كَسَرْتَهَا، وَكَسْرُهَا طَلاَقُهَا» ([2]).

فالمرأة ليست كاملة من كل وجه، لا بد أن يكون فيها شيء، ولكنه إذا كان ذلك لا يخل بخلقها ولا بدينها ولا بعرضها، فليصبر زوجها على ذلك مقابل ما فيها من الأخلاق الطيبة الأخرى، ولأجل العاقبة الحميدة،

 ﴿وَعَاشِرُوهُنَّ بِٱلۡمَعۡرُوفِۚ فَإِن كَرِهۡتُمُوهُنَّ فَعَسَىٰٓ أَن تَكۡرَهُواْ شَيۡ‍ٔٗا وَيَجۡعَلَ ٱللَّهُ فِيهِ خَيۡرٗا كَثِيرٗا، ربما إذا أمسكها رزقه الله منها ذرية طيبة عوض وتجبر ما كان فيها من خلل، ولا توجد امرأة ليس فيها نقص أبدًا، لكن النقص يختلف؛ فهناك نقص يمكن الصبر عليه، ونقص لا يمكن الصبر عليه، فالإسلام حث على حسن العشرة بين الزوجين، بأن يبذل كل واحد منهما للآخر ما يجب عليه من الحقوق، فالرجل يقوم بالنفقة، وبالكسوة، وبالإسكان، وبالمبيت عندها، وهي أيضًا تطلب رضا زوجها في غير معصية الله، إذا أمرها أطاعته، ولا تخرج من بيته إلا بإذنه، ولا دخل في بيته أحدا إلا وهو راض عنه،


الشرح

([1])  أخرجه: مسلم رقم (1469).

([2])  أخرجه: مسلم رقم (1468).